للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: دراسة الكلمات القرآنية الواردة على تسعة أوجه. وفيه مطلبان:

[المطلب الأول: دراسة وجوه كلمة البيت]

[باب البيت]

قال ابن الجوزي:

«البيت: ما يأوي إليه الإنسان ليقيه الحر والبرد. وهو في تعارف أهل الأبنية أرض عليها دائر من البناء يظله سقف، وفي تعارف العرب وأصحاب الوبر دائر من صوف أو غير ذلك يظله سقف من جنسه. وقيل: سمي بيتاً لأنه يصلح للبيتوتة فيه. والبيات والتبييت أن يأتي العدو ليلاً. وبات فلان يفعل كذا إذا فعله ليلاً. كما يقال: بالنهار ظلّ. وبيَّت الرجل الأمر: إذا دبّره ليلاً. قال الشاعر:

أَتَوْني فلم أرضَ ما بَيَّتُوا ... وكانوا أتَوني بشيءٍ نُكُرْ (١)

والبيوت: الأمر يبيت عليه صاحبه، مهتماً به، قال الهذلي (٢):

وأجْعَلُ قِفْرَتَها عُدَّةً ... إذا خِفْتُ بيُّوتَ أمْرٍ عُضالِ

[وذكر بعض المفسرين أن بيت في القرآن على تسعة أوجه]

أحدها: المنزل المبني، ومنه قوله تعالى في النور: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: ٢٧]، وفي التحريم: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} [التحريم: ١١].

والثاني: المسجد، ومنه قوله تعالى في يونس: {أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [يونس: ٨٧].


(١) البيت نسبه الخليل في العين ص ٩٦، لعبيد بن هلال ونسبه الزبيدي وابن منظور في اللسان وتاج العروس (نكر) إلى الأسود بن يعفر وتبعهما محقق النزهة، وهو في ديوانه ص ٦٧، ورواه المبرد في الكامل عن أبي عبيدة ص ٦٢٠
و ١٠٧٧، ووقفت عليه عند أبي عبيدة منسوبا لعبيدة بن همام أحد بني العدوية؛ مجاز القرآن ١/ ١٣٣، ومعناه: أن هؤلاء القوم اتفقوا فيما بينهم فأتوه وطلبوا إليه أمرا ينكره.
(٢) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي توفي سنة ٧٥ هـ (الشعر والشعراء ٢/ ٦٦٧). والبيت في ديوانه ٢/ ١٩٠.وهو بلفظ
(فِقْرَتَهَا) في مقاييس اللغة ص ١٤٦، والصحاح واللسان (بيت)، والمعنى: أنه يجعل رمحه عدة وبيت الأمر يبيت عليه صاحبه مهتما به.
وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ٩٦. مقاييس اللغة ١٤٦. ولسان العرب (بيت).

<<  <   >  >>