للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب العاشر: دراسة وجوه كلمة القرية]

[باب القرية]

قال ابن الجوزي:

«القرية: اسم لما يجمع جماعة كثيرة من الناس. وهو اسم مأخوذ من الجمع. تقول: قريت الماء في الحوض، إذا جمعته فيه. ويقال: للحوض الذي فيه الماء: مقراة. قال الزَّجَّاج: والقرء في اللغة الجمع. ويسمي القرآن قرآناً لأنه كلام مجتمع.

وقال ابن قتيبة: سمي القرآن قرآناً لأنه جمع السور وضمها. وهو من قولك: ما قرأت الناقة سَلى قطّ، أي: ما ضمت في رحمها ولداً. وأنشد أبو عبيدة:

هِجَانِ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينَا (١)

وقوله: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: ١٧] أي: تأليفه (٢).

[وذكر بعض المفسرين أن القرية في القرآن على عشرة أوجه]

أحدها: مكة. ومنه قوله تعالى في النحل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} [النحل: ١١٢]، وفي سورة محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} [محمد: ١٣]، وفي سورة النساء: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النساء: ٧٥].

والثاني: أيلة. ومنه قوله تعالى في الأعراف: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: ١٦٣].

والثالث: أريحا (٣). ومنه قوله تعالى في البقرة: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} [البقرة: ٥٨]، وفي الأعراف: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} [الأعراف: ١٦١].


(١) عجز بيت من معلقة عمرو بن كلثوم وصدره: ذِرَاعَي عَيْطَلٍ أدْماءَ بِكْرٍ، وهو في ديوانه ص ١١٩، وضمنه أمية ابن أبي الصلت قصيدته التي مطلعها: غدا جيران أهلك ظاعنينا لدارٍ غير ذلك منتوينا، وهي في ديوانه ص ٨١. وقول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص ٣٤ وحكى إنشاد أبي عبيدة. وهو في مجاز القرآن ١/ ٢
(٢) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٧٨٦. مقاييس اللغة ص ٨٥٢. المحكم والمحيط الأعظم ٦/ ٤٩٦.
(٣) أريحا: بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة والحاء مهملة، وهي مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن بالشام بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك. (معجم البلدان ١/ ١٦٥)

<<  <   >  >>