للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نصبت مفعولين فقال: «أي جعله صفوة له وخصه» (١). وقال السمين الحلبي: «وإذا كان بمعنى التصيير تعدى لمفعولين كقوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: ١٢٥]» (٢).

الآية الثانية: قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ} [المؤمنين: ٩١].

ولم أقف على من فسر الاتخاذ هنا بالاختيار؛ وإنما وقفت على أصلها من معنى الجعل؛ قال العكبري: «وقد تأتى اتخذت متعدية إلى مفعول واحد، إذا كانت بمعنى جعل وعمل كقوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدٍ} [البقرة: ١١٦]، وكقولك: اتخذت دارا وثوبا وما أشبه ذلك» (٣).

ويتبين مما تقدم بقاء لفظ الاتخاذ على معنى الجعل في المثالين؛ ففي المثال الأول بمعنى الجعل والتصيير وفي الثاني بمعنى الجعل والعمل.

الوجه الثاني: الصياغة.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [الأعراف: ١٤٨].

ويستقيم هذا الوجه إذا أريد بالاتخاذ الجعل الذي هو العمل لا الجعل الذي هو التصيير؛

فإن أريد به العمل فهو بمعنى الصياغة والذي عمله وصاغه السامري؛ قال أبو حيان: «فإن كان الاتخاذ بمعنى جعله إلها، صح نسبته إلى القوم، وإن كان بمعنى العمل فالمتخذ إنما هو السامري» (٤).

ويوحي كلام الشنقيطي بأن الأولى أن تكون بمعنى التصيير مع حذف المفعول الثاني؛ فقال: «وقد قدمنا في سورة البقرة أن جميع آيات اتخاذهم العجل إلها حذف فيها المفعول الثاني في جميع القرآن كما في قوله هنا: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ}


(١) فتح القدير ص ٣٩٣.
(٢) عمدة الحفاظ ١/ ٧٦.
(٣) التبيان في إعراب القرآن للعكبري ١/ ٦٣.
(٤) البحر المحيط ٥/ ١٧٦.

<<  <   >  >>