للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللسلف في الآية قول آخر: وهو: الصلاة؛ وقال به مجاهد، وطاوس (١).

ورجح ابن جرير القول بالوجه، ونسبه ابن عثيمين لجمهور أهل العلم وفسره بآية المائدة فقال: «قوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢]: جمهور أهل العلم على أن المراد اغتسلن؛ فإن القرآن يفسر بعضه بعضاً؛ فهي كقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]، أي اغتسلوا» (٢).

الآية الثانية: قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦].

ويشهد له حديث عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله». (٣)

ومن المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٤).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآيتين، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة؛ قال الخليل: «والاطَّهارُ: الاغْتِسال في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]» (٥).

الوجه الثالث: الاستنجاء بالماء.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [براءة: ١٠٨]. وشهد له حديث أبي أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك - رضي الله عنهم -: «أن هذه الآية لما نزلت: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [براءة: ١٠٨]. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر


(١) جامع البيان ٢/ ٥١١.
(٢) تفسير القرآن الكريم، سورة البقرة ٣/ ٨٢.
(٣) أخرجه البخاري (كتاب الغسل، باب الوضوء قبل الغسل ١/ ٩٩، برقم ٢٤٥).
(٤) جامع البيان ٦/ ١٧٩. معاني القرآن وإعرابه ٢/ ١٥٥. معالم التنزيل ٣٦٣. الكشاف ١/ ٦٤٦. المحرر الوجيز ٢/ ١٦٤. الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٥٥. البحر المحيط ٤/ ١٩٣. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/ ٤٨٣.
(٥) العين ص ٥٧٨.

<<  <   >  >>