للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه:

لإن اختلف السلف في إثبات رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة من هذه الآية، فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث متواترة في إثبات الرؤية (١)، ومنها حديث صهيب عن - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثم إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ، قال يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟، فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟، ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار؟، قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل». (٢)، وسيأتي للرؤية مزيد بيان في باب النظر إن شاء الله.

[نتيجة الدراسة]

تحصل من تلك الدراسة صحة وجوه ثلاثة هي:

الوجه الأول: السُّور. ودل عليه قوله تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} [الأعراف: ٤٦]، ومأخذه تفسير الشيء بسببه، كما أشار إليه ابن جرير.

الوجه الثاني: الستر. ودل عليه قوله تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا} [مريم: ١٧].

وقوله تعالى: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: ٥٣].، ومأخذه تفسير الشيء بسببه ولازمه، لأن الستر سبب للحجاب ولازم له؛ كما تقدم من كلام ابن دريد مايدل عليه.

الوجه الثالث: المنع. ودل عليه قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥]، ومأخذه الأصل اللغوي للفظ، كما نص عليه ابن فارس، وتم التدليل على رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة من السنة الصحيحة.

وأما الوجه الذي هو: الجبل.

فقد مثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: ٣٢].

وتقدمت الإشارة إلى من قال به من السلف والمفسرين، وتفنيد هذا الرأي وأن معتمده ماروي عن بني إسرائيل، وتم مناقشته وإثبات القول الصحيح في معنى الآية وأن الحجاب فيها داخل ضمت الوجه الثاني الذي هو الستر، ودعم هذا الرأي من السنة واللغة، وأقوال المفسرين، والله أعلم.


(١) ذكر التواتر ابن كثير، ينظر تفسير القرآن العظيم ٦/ ٤١٥.
(٢) أخرجه مسلم، ١/ ١٦٣، برقم ١٨١.

<<  <   >  >>