للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عطية: «وقد جمعت هذه الآية المعنيين، فإن بني إسرائيل قد أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال فوضع عنهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ذلك العهد، وثقل تلك الأعمال» (١).

ويتبين مما تقدم، أن العهد لازم للثقل وهما متأتيان في الآيتين فلا يفرق بينهما فالآية الأولى فسرها بالعهد من المفسرين من نظر إلى سياقها وإن كان الإصر فيها لم يخرج عن كونه ثقيلاً إذ إن العهد ثقيل والقول بالثقل قول لبعض السلف وبعض المفسرين (٢) وأما الآية الثانية ففي صريح كلام النَّحاس وابن عطية ما يدل على أن المعنيين مرادين هنا وهو الذي عليه أكثر المفسرين كما تقدم.

[نتيجة الدراسة]

تحصل من تلك الدراسة بطلان التقسيم كما أشار إليه ابن الجوزي وأن الجميع عائد إلى الثقل، ويدخل في الثقل العهد وغيره كالمشقة والذنب؛ قال أبو جعفر النَّحاس بعد إيراده لجميع أقوال السلف في آية البقرة: «وهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد، أي لا تأخذ عهدنا بما لا نقوم به إلا بثقل، أي لا تحمل علينا إثم العهد» (٣) وقال ابن فارس: «الهمزة والصاد والراء أصلٌ واحدٌ يتفرّع منه أشياءٌ متقاربة. فالأصْر الحبسُ والعَطف وما في معناهما، وتفسيرُ ذلك أنَّ العهد يقال له إصْرٌ، والقرابة آصِرَةٌ، وكل عقدٍ وقرابةٍ وَعهدٍ إصْرٌ، والبابُ كلُّه واحد» (٤).

وعلى هذا يكون هذا الباب غير داخل في علم الوجوه والنظائر إذ إنه لم يتجاوز وجهاً واحداً عند التحقيق.

[المطلب الرابع: دراسة وجوه كلمة أولى]

[باب أولى]

قال ابن الجوزي:

الأصل في أولى أنها موضوعة لترجيح الأحق، تقول: زيد أولى بالإكرام من عمرو، أي، أحق.

قال ابن فارس: فأما قولهم في الشتم: أولى له، فحدثني علي ابن عمر، وقال: سمعت ثعلباً، يقول: أولى تهدُد ووعيد. وأنشدوا:


(١) المحرر الوجيز ٢/ ٤٦٣.
(٢) كما هو مبسوط في الخلاف في الوجه الأول.
(٣) معاني القرآن ١/ ٣٣٥.
(٤) مقاييس اللغة ٣٦.

<<  <   >  >>