الوجه الأول: التعب. ودل عليه قوله تعالى: {طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: ٢]. وقوله:{فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}[طه: ١٢٣]. ومأخذه أصل اللفظ في اللغة، قال كما أشار إليه ابن فارس والراغب الأصفهاني.
الوجه الثالث: الكفر. ودل عليه قوله تعالى:{فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}[هود: ١٠٥]، وأيد الوجه في الآية ابن القيم والسعدي، ومأخذه التفسير بالسبب.
[المطلب الثالث: دراسة وجوه كلمة الصبر.]
[باب الصبر]
قال ابن الجوزي:
«الصبر: حبس النفس عما تنازع إليه. وسمي رمضان: شهر الصبر لذلك وكل حابس شيئاً فقد صبره، ومنه: المصبورة التي نُهي عنها: وهي البهيمة تتخذ غرضاً وترمى حتى تقتل. وقيل للصابر على المصيبة: صابر لأنه حبس نفسه عن الجزع. وحكى ابن الأنباري: عن بعض أهل العلم أنه قال: سمي صبر النفوس: صبراً، لأن تمرره في القلب وإزعاجه للنفس كتمرر الصبر في الفم (١).
[وذكر بعض المفسرين أن الصبر في القرآن على ثلاثة أوجه]
أحدها: الصبر نفسه وهو حبس النفس. ومنه قوله تعالى في آل عمران:{الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ}[آل عمران: ١٧]، وفي إبراهيم:{أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا}[إبراهيم: ٢١]، وفي ص:{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا}[ص: ٤٤]، وهو الأعم في القرآن.
والثاني: الصوم. ومنه قوله تعالى في البقرة:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}[البقرة: ٤٥].
(١) الزاهر ٢/ ٢١٢. وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٥٠٧، مقاييس اللغة، والمحكم والمحيط الأعظم ٨/ ٣١٢