للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية الثانية: قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: ٢٦].

وقال به من السلف: عطاء، وابن زيد (١).

ومن المفسرين: ابن جرير، والبغوي، وابن كثير (٢).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآيتين، ومأخذه أصل اللفظ في اللغة؛ قال ابن فارس: «الطاء والواو والفاء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على دَوَاران الشئ على الشئ، وأن يَحُفَّ به، ثم يُحمل عليه. يقال طاف به وبالبيت يطوف طَوْفًا وطَوَافًا» (٣).

الوجه الثاني: السعي بين الصفا والمروة.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨].

ويشهد له حديث هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: قلت لعائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا يومئذ حديث السن، أرأيت قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨].

فلا أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما؟. فقالت عائشة: كلا لو كانت كما تقول كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد (٤) وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة؛ فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨]» (٥).


(١) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ٨/ ٢٤٨٦. جامع البيان ١٧/ ١٨١.
(٢) جامع البيان ١٧/ ١٨١. معالم التنزيل ٨٦٤. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٤٢٦.
(٣) مقاييس اللغة ص ٦٠٤.
(٤) وقديد اسم موضع قرب مكة قال ابن الكلبي لما رجع تبع من المدينة بعد حربه لأهلها نزل قديدا فهبت ريح قدت خيم أصحابه فسمي قديدا (معجم البلدان ٤/ ٣١٣)
(٥) أخرجه البخاري (كتاب الحج، باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج ٢/ ٦٣٥، برقم ١٦٩٨)

<<  <   >  >>