للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}} [براءة: ٣١]، قال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه» (١).

قال سليمان آل الشيخ: «صرح - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بأن عبادة الأحبار والرهبان هي طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام وهو طاعتهم في خلاف حكم الله ورسوله» (٢).

ويتبين مما تقدم بقاء لفظ الاتخاذ على معنى الجعل والتصيير في المثال.

الوجه الخامس: النسج.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} [العنكبوت: ٤١].

ولم أقف على من فسر الاتخاذ بالنسج هنا؛ وهو بمعنى جعل التي هي العمل؛ أي عملت بيتا ويدل عليه قول العكبري المتقدم: «وقد تأتى اتخذت متعدية إلى مفعول واحد، إذا كانت بمعنى جعل وعمل كقوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [البقرة: ١١٦]، وكقولك: اتخذت دارا وثوبا وما أشبه ذلك» (٣).

ويتبين مما تقدم بقاء لفظ الاتخاذ على معنى الجعل والعمل في المثال.

الوجه السادس: العبادة.

[ومثل له ابن الجوزي بآيتين]

الآية الأولى: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} [الأعراف: ١٥٢].

الآية الثانية: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الزمر: ٣].

ولم أقف على من فسر الآيتين بالعبادة؛ ووقفت على من فسرهما بالجعل؛ قال ابن سيده: «{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} [الأعراف: ١٥٢]، أراد اتخذوه إلها، فحذف الثاني، لأن الاتخاذ


(١) أخرجه الترمذي ٥/ ٢٧٨ برقم ٣٠٩٥، وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي برقم ٢٤٧١).
(٢) تيسير العزيز الحميد ٤٨٩.
(٣) التبيان في إعراب القرآن للعكبري ١/ ٦٣.

<<  <   >  >>