للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: نور الإسلام. ومنه قوله تعالى في البقرة: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} [البقرة: ٢٠]. وهو مثل ضربه الله عز وجل للمنافقين.

[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]

[الوجه الأول: نور السحاب المذكور.]

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} [البقرة: ١٩].

وقال به من السلف: ابن عباس: حيث قال: «سوط من نور يزجر به الملك السحاب» وعن علي وابن عباس أيضاً: «أنها مخاريق الملائكة». وعن مجاهد: «أنه مصع ملك يسوق السحاب». وعن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وابن جريج: «أنه الملك نفسه» (١).

قال ابن جرير موفقاً بين تلك الأقوال: «قال أبو جعفر: وقد يحتمل أن يكون ما قاله علي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد، بمعنى واحد وذلك أن تكون المخاريق التي ذكر علي - رضي الله عنه - أنها هي البرق؛ هي السياط التي هي من نور التي يزجي بها الملك السحاب كما قال ابن عباس، ويكون إزجاء الملك السحاب مصعه إياه بها، وذاك أن المصاع عند العرب أصله المجالدة بالسيوف ثم تستعمله في كل شيء جولد به في حرب وغير حرب» (٢).

وقال السمعاني (٣): «قال علي وابن عباس وأكثر المفسرين: إن الرعد صوت ملك يزجر السحاب، والبرق لمعان سوط في يد ملك يضرب به السحاب يسوقه إلى حيث قدر الله تعالى» (٤).

وقال به من المفسرين: الفرَّاء، ابن جرير، والبغوي، والزَّمخشري وابن عطية، والقرطبي، وأبوحيان (٥).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه أحد أصلي اللفظ في اللغة؛ قال ابن فارس: «الباء والراء والقاف أصلانِ، تتفرّع الفروع منهما: أحدهما لمعانُ الشيء .. أمّا الأوّل فقال


(١) جامع البيان ١/ ١٥٢، والكشف والبيان للثعلبي ١/ ١٦٣.
(٢) جامع البيان ١/ ١٥٢
(٣) الإمام العلامة مفتي خراسان شيخ الشافعية أبو المظفر منصور ابن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي الحنفي كان ثم الشافعي ولد سنة ٤٢٦ هـ ومات سنة ٤٨٩ هـ (سير أعلام النبلاء ١٩/ ١١٤.طبقات المفسرين للأدنه وي ١٤٤).
(٤) تفسير القرآن العظيم للسمعاني ١/ ٥٤
(٥) معاني القرآن للفراء ١/ ١٧. جامع البيان ١/ ١٥٢. معالم التنزيل ص ١٩. المحرر الوجيز ١/ ١٠٢ .. الجامع لأحكام القرآن ١/ ٢١٦. البحر المحيط ١/ ١٣٧

<<  <   >  >>