للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معاني الآيات، ومأخذه السياق القرآني؛ ففي الآية الأولى ذكر الله تعالى كيف يقدم فرعون قومه فيدخلون جهنم هجوما (١)، وفي آيتي الأنبياء ذكر الله تعالى أن العباد والمعبودين حصب جهنم، وقد أشار إلى السياق هنا أبو حيان (٢)، ويجوز أنه يكون مأخذه تفسير الشيء بنتيجته لأن الورود نتيجته الدخول في هذه الآيات.

الوجه الثاني: الحضور.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١].

وقال به من السلف: عبيد بن عمير. (٣)

وكثير من المفسرين أطال في ذكر الخلاف في تحديد المراد بالورود في هذه الآية على نحو ماذكره ابن الجوزي: «

[وفي هذا الورود خمسة أقوال]

أحدها: أنه الدخول روى جابر بن عبد الله، وابن عباس، وعبد الله بن رواحة، والحسن البصري، وخالد بن معدان، وأبو مالك غزوان الغفاري (٤)، وقد اعترض على أرباب هذا القول بأشياء فقال الزَّجَّاج (٥): العرب تقول وردت بلد كذا ووردت ماء كذا إذا أشرفوا عليه وإن لم يدخلوا ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: ٢٣].

والحجة القاطعة في هذا القول قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: ١٠٠ - ١٠٢]،

والثاني: أن الورود الممر عليها قاله عبد الله بن مسعود وقتادة وابن مسعود،


(١) عبر بالهجوم قتادة.
(٢) البحر المحيط ٦/ ٤٦٩.
(٣) ذكره عنه ابن الجوزي في زاد المسير ص ٨٩٤. وعبيد: عبيد بن عمير بن قتادة الليثي أبو عاصم المكي القاص مخضرم روى عن أبي وعمر وعلي وعائشة وأبي موسى توفي سنة ٦٤ هـ (التقريب ٣٧٧. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢٥٥).
(٤) جامع البيان ١٦/ ١٤٢.وعبد الله بن رواحة: ابن ثعلبة ابن امرئ القيس الأكبر الأنصاري الخزرجي نزل دمشق وهو بدري نقيب أمير شهيد واستشهد بمؤتة (الاستيعاب ٣/ ٨٩٨. الإصابة ٤/ ٨٢).
وخالد بن معدان: الكُلاعي أبو عبد الله الحمصي روى عن جماعة من الصحابة وروى عنه نور بن يزيد ومحمد بن إبراهيم التيمي وحسان بن عطية وصفوان بن عمرو وكان من فقهاء التابعين وأعيانهم مات سنة ١٨٤ هـ (التقريب ١٠٢. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١٠٣).
(٥) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٤٠.

<<  <   >  >>