للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: دراسة وجوه كلمة البعث]

[باب البعث]

قال ابن الجوزي:

«البعث والإرسال يتقاربان. تقول: بعثت رسولاً، وأرسلت رسولاً. ويقال: البعث، ويراد به: الإحياء. ويقال، ويراد به: الإثارة. يقال: بعثت الناقة إذا أثرتها. ويوم بُعاث: يوم كان للأوس والخزرج (١).

[وذكر أهل التفسير أن البعث في القرآن على ستة أوجه]

أحدها: الإلهام، ومنه قوله تعالى في المائدة: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: ٣١].

والثاني: الإحياء، ومنه قوله تعالى في البقرة: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [البقرة: ٥٦]، وفيها: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة: ٢٥٩].

والثالث: الإيقاظ من النوم، ومنه قوله تعالى في الأنعام: {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى} [الأنعام: ٦٠]، وفي الكهف: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} [الكهف: ١٢].

والرابع: التسليط، ومنه قوله تعالى في بني إسرائيل: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الإسراء: ٥].

والخامس: الإرسال، ومنه قوله تعالى في البقرة: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا} [البقرة: ١٢٩]، وفي الجمعة: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢].

والسادس: النصب، ومنه قوله تعالى في البقرة: {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٦]، أي: انصب لنا، وفيها: {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} [البقرة


(١) بُعَاث: بضم أوله وبالثاء المثلثة موضع على ليلتين من المدينة واليوم المنسوب إليه بين الأوس والخزرج (معجم البلدان
١/ ١٥٤). وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ٧٨. جمهرة اللغة ١/ ٢٥٩. مقاييس اللغة ١٢٤.

<<  <   >  >>