للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن نظر إلى أن الاستواء لا يكون إلا في علوّ جعل (إلى) بمعنى "على"؛ لكن هذا ضعيف؛ لأن الله تعالى لم يستوِ على السماء أبداً؛ وإنما استوى على العرش؛ فالصواب ما ذهب إليه ابن كثير رحمه الله وهو أن الاستواء هنا بمعنى القصد التام، والإرادة الجازمة؛

و {السَّمَاءِ} أي العلوّ؛ وكانت السماء دخاناً. أي مثل الدخان» (١).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة؛ قال ابن قتيبة: «وكل من كان يعمل عملا فتركه بفراغ، أو غير فراغ وعمد لغيره، فقد استوى له واستوى عليه» (٢).

الوجه الثاني: الاستقرار.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: ٤٤].

وقال به من السلف: قتادة، ومجاهد (٣).

ومن المفسرين: الفرَّاء، وابن جرير، والنَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٤).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه تفسير الشيء بلازمه؛ لأن من لوازم الاستواء الاستقرار.

الوجه الثالث: الركوب.

[ومثل له ابن الجوزي بآيتين]

الآية الأولى: قوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْك} [المؤمنين: ٢٨].


(١) تفسير القرآن الكريم سورة البقرة ص ١٠٩.
(٢) تفسير غريب القرآن ص ٤٦.
(٣) جامع البيان ١٢/ ٦٠.
(٤) معاني القرآن للفراء ٢/ ١٦. جامع البيان ١٢/ ٦٠. معاني القرآن للنحاس ٣/ ٣٥٤. معالم التنزيل ص ٦٢١. الكشاف
٢/ ٣٧٦. المحرر الوجيز ٣/ ١٧٦. الجامع لأحكام القرآن ٩/ ٢٩. البحر المحيط ٦/ ١٦٠. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٥٣٦.

<<  <   >  >>