للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراغب الأصفهاني: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦] أي كذب يبهت سامعه لفظاعته» (١).

الوجه الثاني: الزنى.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} [الممتحنة: ١٢].

ولم أقف على من قال به من السلف والمفسرين.

والوارد عن السلف في معنى الآية: لا يُلحقن بأزواجهن غير أولادهم؛ فيأتين بأولادهن من غيرهم وينسبنهم لهم، وقال به ابن عباس (٢).

ومن المفسرين: الفرَّاء، وابن جرير، والزَّجَّاج، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان، وابن كثير (٣).

وهذا الوجه الذي ذكره ابن الجوزي، غير صحيح في معنى الآية للأمور التالية:

- أن ابن الجوزي في زاد المسير لم يذكر (الزنى) ضمن الأقوال في البهتان من هذه الآية بل ذكر الكذب بادعاء الولد، ثم السحر ثم النميمة (٤)، وأما في تذكرة الأريب فلم يذكر سوى الكذب بادعاء الولد (٥)، مما يبين أنه لايراه تفسيراً للآية.

- صرح البغوي برد الوجه (الزنى) كونه معنىً للآية فقال: «قوله: {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} [الممتحنة: ١٢]. ليس المراد منه نهيهن عن الزنا لأن النهي عن الزنا قد تقدم ذكره، بل المراد منه أن تلتقط مولودا وتقول لزوجها: هذا ولدي منك فهو البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن لأن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها» (٦).

ثم إن الكلام إذا دار بين التأسيس والتأكيد، فالتأسيس أولى، وقد تقدم ذكر الزنى في الآية قبل ذكر البهتان (١). وبهذا يتبين عود هذا المثال لمعنى الكذب وهو الوجه الأول.

وبهذا يتبين أن هذا الوجه داخل ضمن الوجه الأول لأن تفسير السلف والمفسرين بأن البهتان في الآية أن تلتقط مولودا وتقول لزوجها: هذا ولدي منك فهو البهتان المفترى، هو نوع من الكذب.


(١) مفردات ألفاظ القرآن ص ١٤٨.
(٢) جامع البيان ٢٨/ ٩٥.
(٣) معاني القرآن ٣/ ١٥٢. جامع البيان ٢٨/ ٩٥. معاني القرآن وإعرابه ٥/ ١٦٠. معالم التنزيل ص ١٣٠٦. الكشاف
٤/ ٥٩٥. المحرر الوجيز ٥/ ٢٩٩. الجامع لأحكام القرآن ١٨/ ٤٨. البحر المحيط ١٠/ ١٦١. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٦/ ١٩٦.
(٤) زاد المسير ١٤٢٩.
(٥) تذكرة الأريب في تفسير الغريب ٢/ ٢١٩.
(٦) معالم التنزيل ص ١٣٠٦.

<<  <   >  >>