للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتبين مما تقدم أن الوجه الصحيح في الآية هو الطبع، وأن الوجه الذي أورده ابن الجوزي وجه ضعيف من التفسير لمخالفته للسياق واللغة العربية، وقد تقدم رد ابن القيم له.

تنبيه:

قال ابن الجوزي عند قوله تعالى: {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} [الشورى: ٢٤].

فيه قولان: أحدهما: يختم على قلبك فينسيك القرآن قاله قتادة. والثاني: يربط على قلبك بالصبر على أذاهم فلا يشق عليك قولهم: إنك مفتر قاله مقاتل، والزَّجَّاج (١).

فنقله هنا رحمه اللَّه يشعر باختيار الزَّجَّاج له مع أن الزَّجَّاج اختار القولين معاً الطبع، والربط إذ يقول:

" معناه فإن يشأ اللَّه ينسك ما أتاك، كذلك قال قتادة ويجوز {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} [الشورى: ٢٤]، يربط على قلبك بالصبر على أذاهم وعلى قولهم " (٢).

الوجه الثالث: المنع.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس: ٦٥].

وقال به من المفسرين: الزَّمخشري، وابن عطية، وأبو حيان (٣).

وهذا الوجه في الحقيقة عائد إلى الوجه الأول - الطبع - إذ إن المنع من لوازم الختم فلا يكون له دلالة مستقلة ولأن الطبع لا يكون إلا بعد بلوغ آخره من الأحراز كما أشار إليه ابن فارس فيما تقدم.

وأما تفسير السلف لهذه الآية، فقد ورد عن أبي موسى الأشعري والشعبي وقتادة (٤)، والسُّدي (٥) تفسيرها بالختم.

وذكر الختم من المفسرين: الفرَّاء، ابن جرير، والبغوي، والقرطبي، وابن كثير (٦).


(١) زاد المسير لابن الجوزي ص ١٢٢٨.
(٢) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤/ ٣٩٩.
(٣) الكشاف ٤/ ٢٧. المحرر الوجيز ٤/ ٤٦٠. البحر المحيط ٩/ ٧٨.
(٤) جامع البيان ٢٣/ ٣٢.
(٥) الدر المنثور ٧/ ٦٩.
(٦) معاني القرآن للفراء ٢/ ٣٨١. جامع البيان ٢٣/ ٣٢. معالم التنزيل ٤/ ١٧. الجامع لأحكام القرآن ١٥/ ٤٨. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٥٧٨.

<<  <   >  >>