الوجه الثالث: الإخراج. ودل عليه قوله تعالى:{إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ}[القمر: ٢٧]، ومأخذه السياق القرآني، ويجوز أن يكون مأخذه التفسير بالمقارب لأن الإخراج قريب من البعث الذي هو أصل الإرسال في اللغة.
الوجه الخامس: الفتح. ودل عليه قوله تعالى:{وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ}[فاطر: ٢]، ومأخذه السياق القرآني لقوله تعالى في أول الآية:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ}[فاطر: ٢].
الوجه السادس: الإنزال. ودل عليه قوله تعالى:{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}[نوح: ١١]، ومأخذه السياق القرآني؛ وذلك باعتبار أن السماء هنا بمعنى المطر ويدل عليه قوله تعالى:
{مِدْرَارًا}.
[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة الاستواء]
[باب الاستواء]
قال ابن الجوزي:
«الاستواء: يقال على ضربين أحدهما: تام، والآخر: ناقص. فالتام مثل، قولك استوى الأمر إذا استقام. ويقال: استوى الشيئان إذا اعتدلا. والناقص ما لا يتم إلا بصلته، مثل قولك: استوى على السرير، واستوى على الدابة. (وأما ما صلته "إلى" فمعناه: القصد. مثل قولك: استوى إلى الشيء). وأما ما صلته "مع" فمعناه: المساواة. مثل قولك: استوى الماء مع الخشبة (١).
[وذكر بعض المفسرين أن الاستواء في القرآن على ستة أوجه]
أحدها: العمد والقصد. ومنه قوله تعالى في فصلت:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ}[فصلت: ١١].
(١) ووضح ابن تيمية معنى الفعل إذا تعدى بعلى فقال: «ولفظ العلو يتضمن الاستعلاء وغير ذلك من الأفعال إذا عُدي بحرف الاستعلاء دل على العلو كقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فهو يدل على علوه على العرش» (الفتاوى ١٦/ ٣٥٩). وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٤٥٧. مقاييس اللغة ص ٤٧٤. والمحكم والمحيط الأعظم ٨/ ٦٣٨.