للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير بالمثال، لأن القلب يختص به معان كثيرة، كالرأي والشجاعة والسعادة وغيرها، قال الراغب الأصفهاني: «ويُعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به، من الروح والعلم والشجاعة وغير ذلك». (١)

الوجه الثالث: العقل.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: ٣٧].

وقال به من السلف: قتادة، وابن زيد (٢)، ومجاهد. (٣)

ومن المفسرين: الفرَّاء، ابن جرير والزَّجَّاج، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان، وابن كثير (٤).

قال ابن القيم حول هذه الآية: «قاعدة جليلة: اذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه وألق سمعك واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه فانه خطاب منه لك، على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: ٣٧].وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفا على مؤثر متيقض، ومحل قابل، وشرْط لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد؛ فقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} أشار إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا وهذا هو المؤثر، وقوله: {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: ٣٧].فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله» (٥).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير باللازم، لأن العقل لازم للقلب لا ينفك عنه.


(١) مفردات ألفاظ القرآن ص ٦٨١.
(٢) جامع البيان ٢٦/ ٢١٥.
(٣) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥/ ٦٨٢.
(٤) معاني القرآن للفراء ٣/ ٨٠. جامع البيان ٢٦/ ٢١٥. معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٤٨. معالم التنزيل ص ١٢٣٠. الكشاف ٤/ ٣٩٤. المحرر الوجيز ٥/ ١٦٧. الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ١٦. البحر المحيط ٩/ ٥٤١.تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥/ ٦٨٢.
(٥) الفوائد ص ٣.

<<  <   >  >>