للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: دراسة وجوه كلمة الخزي.]

[باب الخزي]

قال ابن الجوزي:

«روي عن ابن عباس رضي اللَّه عنه أنه قال: الخزي: الإهانة. وقال ابن السكيت: خَزِي يَخْزَى خِزْياً: إذا وقع في بَليَّة (٥). وقال الزَّجَّاج: المُخزَى في اللغة: المُذلُّ المحقُورُ بأمرٍ قد لزمه بحجة، يقال: أخْزَيتَهُ أي: ألزمته حُجَّةً أذللتُه بها (١).

وقال ابن فارس: معنى الخزي: الإبعادُ والمقت. وخَزِي الرجل: استحيى خِزَاية، فهو خَزْيان (٢).

[وذكر أهل التفسير أن الخزي في القرآن على أربعة أوجه]

أحدها: الذل والهوان. ومنه قوله تعالى في آل عمران: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران: ١٩٢]، وفي يونس: {كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: ٩٨]، وفي النحل: {الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل: ٢٧]، وفي الحشر: {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: ٥].

والثاني: الفضيحة. ومنه قوله تعالى في هود: {وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} [هود: ٧٨]، وفي الحجر: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ} [الحجر: ٦٩].

والثالث: العذاب. ومنه قوله تعالى في هود: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} [هود: ٦٦]، وفي الشعراء: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} [الشعراء: ٨٧]، وفي الزمر: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزمر: ٢٦]، وفي التحريم: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ} [التحريم: ٨].

والرابع: القتل والجلاء. ومنه قوله تعالى في البقرة: {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [البقرة: ٨٥]، أراد القتل والجلاء لبني قريظة والنضير وهم يهود المدينة. وفي الحج: {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} [الحج: ٩]، وهو النضر بن الحارث، وخزيه كان القتل ببدر». (٣)

[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]

الوجه الأول: الذل والهوان.


(١) معاني القرآن وإعرابه ١/ ٥٠٠.
(٢) مجمل اللغة ١/ ٢٨٧.وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٢٤٤، ومقاييس اللغة ص ٢٩٦، والمحكم والمحيط الأعظم ٢/ ٢٤٨.
(٣) نزهة الأعين النواضر ص ٢٧٤.

<<  <   >  >>