للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السابع: دراسة وجوه الكلمة القرآنية الواردة على حرف الشين.]

[وهي كلمة الشيطان.]

[باب الشيطان]

قال ابن الجوزي:

«الشيطان: اسم لكل متمرد.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: كل غالب متمرد من الجن والإنس والدواب فهو شيطان (١). واختلف العلماء هل نون الشيطان أصلية أم زائدة على قولين:

أحدهما: أن النون فيه أصلية كأنه من شطن، أي: بعد. يقال من ذلك: شطنت داره أي: بعدت. وقذفته نوى شطون. قال أمية بن أبي الصلت في صفة سليمان عليه السلام:

أَيُّما شاطنٍ عَصَاهُ عَكاهُ ... ورماهُ في القَيد والأغلالِ (٢)

ومعنى عكاه: أوثقه. فهذا يدل على أن النون أصلية فتكون على "فيعال" فعلى هذا القول فإنه مأخوذ من شطن وفي تسميته بذلك قولان:

أحدهما: أنه سمي شيطاناً لبعده عن الخير.

[والثاني: لبعد غوره في الشر.]

والقول الثاني: أن النون فيه زائدة فيكون من شاط يشيط إذا ذهب وهلك. وأنشدوا من ذلك:

وقد يَشِيطُ على أَرْماحِنا البَطَلُ (٣)

فعلى هذا سمي بذلك، لأنه هالك بالمعصية التي تؤول به إلى الهلاك. (٤)


(١) مجاز القرآن ١/ ٣٢، بلفظ (عاتٍ) بدلاً من (غالب).
(٢) ديوانه ص ٦٢. أمية ابن أبي الصَّلت: أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي: شاعر جاهلي حكيم، من أهل الطائف. قدم دمشق قبل الإسلام. وأدرك الإسلام ولم يسلم. وأقام في الطائف إلى أن مات سنة ٥ هـ. أخباره كثيرة، وعلماء اللغة لا يحتجون به لورود ألفاظ فيه لا تعرفها العرب (طبقات فحول الشعراء ١/ ٢٦٢. الشعر والشعراء ١/ ٤٥٩).
(٣) عجز بيت للأعشى، وصدره: قد نَخْصِبُ العَيْرَ في مَكْنُون فائِله؛ ديوانه ص ١٤٤.
(٤) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٤٧٩، ومقاييس اللغة ص ٥٠٣، والمحكم والمحيط الأعظم ٨/ ١٧

<<  <   >  >>