للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مأموراً بتطهير الثياب، المتضمنة تطهير البدن، والنفس من كل ما يستقذر شرعا، من الأعيان والأخلاق والأعمال، لأن تطهيرها أن تجعل طاهرة، ومتى اتصل بها وبصاحبها شيء من النجاسة، لم تكن مطهرة على الإطلاق». (١)

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في لغة العرب، قال ابن منظور: «الثِّيابُ اللِّباسُ، ويقال للقَلْبِ». (٢)

[نتيجة الدراسة]

تحصل من تلك الدراسة، صحة وجوه ثلاثة وهي:

الوجه الأول: سائر الثياب. ودل عليه قوله تعالى: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} [النور: ٥٨]، ومأخذه معنى المشهور للفظ في اللغة، كما أشار إليه ابن فارس.

الوجه الثاني: الرداء. ودل عليه قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} [النور: ٦٠]، ومأخذه التفسير بالمثال، لأن الرداء مثال للثوب في الآية.

الوجه الثالث: القلب. ودل عليه قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤].

ومأخذه المعنى المشهور للفظ في لغة العرب، كما أشار إليه ابن منظور.

وأما الوجه الذي هو: القميص. ففي قوله تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج: ١٩]. فقد تقدم أن الصحيح من قول السلف، وهو قول عامة المفسرين، أن المراد هنا سائر الثياب دون تخصيص القميص، وأن القول بالقميص منقول عن ابن عباس وشك الراوي في وقفه عليه، وعلى اعتبار صحته فإنه لم يخصه بالقميص فقط بل ذكر غيره من الثياب، فيكون هذا المثال ضمن أمثلة الوجه الأول، وأن المراد بالآية، سائر الثياب.


(١) شرح العمدة ٤/ ٤٠٧ بتصرف.
(٢) لسان العرب مادة (ثوب). وابن منظور: هو محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري أبو الفضل جمال الدين الأفريقي ثم المصري، ولد ٦٣٠ هـ ومن أشهر تصانيفه (لسان العرب) مات سنة ٧١١ هـ (الدرر الكامنة ٤/ ٢٦٢).

<<  <   >  >>