ولم أقف على من فسر الاتخاذ هنا بالعصر والذي يدل عليه قول بعضهم (١) أن الاتخاذ بمعنى التصيير فيدل على العصر لكونه بمعناه، على تقدير:«وتتخذون من ثمرات النخيل سكرا».
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية ومأخذه تفسير الشيء بما يقاربه وذلك لما بين العصر والتصير من التوافق في التحول من شيء لآخر.
[نتيجة الدراسة]
[تحصل من تلك الدراسة صحة وجوه أربعة وهي]
الوجه الأول: الجعل. ودل عليه قوله تعالى:{تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ}[النحل: ٩٢]. وقوله تعالى:{وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا}[الكهف: ٥٦]. وقوله تعالى:{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}[المنافقين: ٢]، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة؛ كما قال الراغب الأصفهاني والسمين الحلبي.
{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}[الشعراء: ١٢٩]، ومأخذه التفسير باللازم لأن من لوازم اتخاذ وعمل المصانع البناء.
الوجه الثالث: الرضا. ودل عليه قوله تعالى:{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}[المزمل: ٩]، وهذا الوجه صحيح من حيث اللزوم لأن من لوازم اتخاذ الله تعالى وكيلا الرضا به وبقدره.
الوجه الرابع: العصر. ودل عليه قوله تعالى:{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}[النحل: ٦٧] ومأخذه تفسير الشيء بما يقاربه، وذلك لما بين العصر والتصيير من التوافق في التحول من شيء لآخر.
(١) تعددت الأقوال في تأويل الآية وهذا قول منها، والمقصود أن اتخاذ السكر لا يكون من العصير مباشرة بل لابد من نقعه.