للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: الهلاك. ودل عليه قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: ١٣٠]، ومأخذه التعبير عن الشيء بنتيجته.

[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة السلوك.]

[باب السلوك]

قال ابن الجوزي:

» السلوك: الدخول ويستعار في مواضع تدل عليها القرينة، وذكر بعض المفسرين أنه في القرآن على أربعة أوجه:

أحدها: الدخول. ومنه قوله تعالى في المدثر: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: ٤٢].

والثاني: الجعل. ومنه قوله تعالى في الجن: {يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: ٢٧].

والثالث: التكليف. ومنه قوله تعالى في الجن: {يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن: ١٧]، أي: يكلفه أن يصعد عقبة في النار.

والرابع: الترك. ومنه قوله تعالى في الحجر: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحجر: ١٢]، أي: نترك في قلوبهم الكفر. وقيل: ندخل التكذيب في قلوبهم فيكون من القسم الأول. ومثله في الشعراء: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: ٢٠٠] «(١).

[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]

الوجه الأول: الدخول.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: ٤٢].

وقال به من المفسرين: البغوي، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان (٢).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه تفسير الشيء بلازمه لأن من لوازم السلوك الدخول، وجائز أن يكون مأخذه التفسير بجزء المعنى، لأن الدخول جزء من معنى السلوك؛


(١) نزهة الأعين النواظر ص ٣١٥، وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٤٤١، ومقاييس اللفة ص ٤٦٨، ولسان العرب مادة (سلك).
(٢) معالم التنزيل ص ١٣٦٣. المحرر الوجيز ٥/ ٣٩٨. الجامع لأحكام القرآن ١٩/ ٥٧. البحر المحيط ١٠/ ٣٣٨.

<<  <   >  >>