الوجه الثاني: الجعل. ودل عليه قوله تعالى:{يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}[الجن: ٢٧]، ومأخذه التفسير بالمقارب لأن الجعل داخل في معاني الأفعال كلها ومنها السلوك، كما دل عليه كلام ابن قتيبة، والراغب.
الوجه الثالث: التكليف.
ودل عليه قوله تعالى:{يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا}[الجن: ١٧]، ومأخذه تفسير الشيء بسببه لأن السلوك هو الدخول في مشقة من العذاب يصعد فيها ولا يقع من الكافر إلى على سبيل التكليف وحملِه عليه عُنوة، ويؤيد هذا ما ذكره الأصمعي.
وأما الوجه الرابع: وهو الترك فقد تقدم أنني لم أقف على من قال بتفسير الآيتين به وأن الذي عليه عامة المفسرين ماذكره ابن الجوزي من قول آخر: أن السلوك في قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ}[الحجر: ١٢]، وقوله تعالى:{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ}[الشعراء: ٢٠٠] هو الدخول؛ فيكون بهذا داخلا في الوجه الأول.