للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية الثانية: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ٤٦].

وأما الزينة هنا فقال ابن جرير عن المال والبنين: مما يُتَزين به في الحياة.

ونحوه عن ابن عطية، والقرطبي، وأبي حيان، وابن كثير (١).

ومما يثبت أن الزينة هنا لم تخرج عن معناها الأصلي وهو الحسن؛ أن ابن كثير فسر آية الكهف هنا بآية آل عمران التي هي مثال للوجه الأول فقال: «وقوله: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ٤٦]، كقوله: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [آل عمران: ١٤]» (٢).

وأما ما ذكره ابن الجوزي فعند التأمل يلحظ أنه هنا فسر هذه الآية بقوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١]. وجعله من تفسير القرآن بالقرآن. وقد تقدم ذكر أقوال المفسرين في الآيتين. وبهذا يعود مثالا هذا الوجه للمعنى الأصلي للزينة وهو الحسن.

الوجه الرابع: الحشم.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} [القصص: ٧٩].

تعدد النقل في هذه الآية على تفاصيل دقيقة في تحديد الزينة سواء من قائل بالوجه، وبالعدد، واللون، والنوع.

وكله من قبيل الإسرائيليات؛ قال عنها ابن عطية في هذه الآية: «وأكثرَ المفسرون في تحديد زينة قارون وتعيينها بما لا صحة له فاختصرته» (٣).

وقال المراغي: «وقد روي عن مفسري السلف في زينة قارون ما يجعلنا نقف أمامه موقف الحذر، ويجعلنا نعتقد أن الإسرائيليات سَداه ولُحمته (٤)» (٥).


(١) جامع البيان ١٥/ ٣٠٨. المحرر الوجيز ٣/ ٥٢٠. الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٢٦٩. البحر المحيط ٧/ ١٨٦. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٢١٦.
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٢١٦.
(٣) المحرر الوجيز ٤/ ٣٠١.
(٤) السَّدي: السدى من الثوب ما مد منه وقد أسدى الثوب وسداه وتسداه، ولحمة الثوب ولحمته ما سدي بين السديين يضم ويفتح وقد لحم الثوب يلحمه.
(٥) تفسير المراغي ٢٠/ ٩٨.

<<  <   >  >>