للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: الحرام.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: ٢٠].

وقال بمعناه من السلف: سعيد بن جبير فقال: «الإثم» (٢).

وقال ابن جرير: «ظلماً» (٣).

وقال الزَّجَّاج، والزَّمخشري: «مباهتين آثمين». (٤)

وقال النَّحاس (٥)، وابن عطية: «محيراً لشناعته وبطلانه».

ويتبين مما تقدم أن هذا الوجه صحيح في معنى الآية، وهو تفسير باللازم، لأن كل بهتان يلزم منه الوقوع في الحرام والإثم، قال أبو حيَّان موجهاً هذه الأقوال: «أصل البهتان: الكذب الذي يواجه الإنسان صاحبه به، على جهة المكابرة فيبهت المكذوب عليه، ثم سمي كل باطل يتحير من بطلانه بهتان» (٦).

[نتيجة الدراسة]

[تحصل من تلك الدراسة صحة وجهين فقط وهما]

الوجه الأول: الكذب. ودل عليه قوله تعالى: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦]. ومأخذه المعنى المشهور للفظ في لغة العرب.

الوجه الثاني: الحرام. ودل عليه قوله تعالى: {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: ٢٠].

ومأخذه التفسير باللازم.

وأما الوجه الذي هو: الزنى، فقد تقدم بيان ضعفه ورد بعض المفسرين له، وأن القول به يلزم منه التكرار في الآية.

[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة البيع]

[باب البيع]

قال ابن الجوزي:

«البيع: استبدال مال بمال على صفة مخصوصة، وربما سمي الشراء بيعاً عند العرب. وأنشدوا:

إذا الثريا طلعت عشاء ... فبع لراعي غنمٍ كساء (٧)

ويقال للمعاهدة على الأمر، والمعاقدة على النصر، وما أشبه ذلك: بيعة. ومنه بيعة الإمام (٨).

[وذكر أهل التفسير أن البيع في القرآن على ثلاثة أوجه]

أحدها: عقد المعاوضة، ومنه قوله تعالى في سورة البقرة: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]، وفيها: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢].

والثاني: عقد الميثاق على النصر، ومنه قوله تعالى في الفتح: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: ١٠].


(١) التعاريف للمناوي ص ١٥٥، وأضواء البيان ٢/ ٤٤٢.
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ٣/ ٩٠٨.
(٣) جامع البيان ٤/ ٣٩٥.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٣١. الكشاف ١/ ٥٢٣.
(٥) معاني القرآن للنحاس ٢/ ٤٨. المحرر الوجيز ٢/ ٢٩.
(٦) البحر المحيط ٣/ ٥٧٣.
(٧) البيت دون عزو في جمهرة اللغة ١/ ٣٦٩، والمحكم والمحيط الأعظم لابن سيدة ٢/ ٢٦٢.
(٨) وللاستزادة من اللغة ينظر العين ص ٩٧، ومقاييس اللغة ص ١٤٧، والمحكم والمحيط الأعظم لابن سيدة ٢/ ٢٦١

<<  <   >  >>