للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأعراف: ١٤٨]. أي اتخذوه إلها، وقد قدمنا أن النكتة في حذفه دائما التنبيه على أنه لا ينبغي التلفظ بأن عجلا مصطنعا من جماد إله». (١)

ويتبين مما تقدم بقاء لفظ الاتخاذ على معنى الجعل والتصيير في المثال.

الوجه الثالث: السلوك.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: ٦١].

ولم أقف على من فسر الاتخاذ بالسلوك هنا؛ وإنما يذكر المفسرون السلوك تفسيرا للسرب (٢)، والذي يدل عليه كلامهم أنها بمعنى جعل وصير؛ قال النَّحَّاس، وأبو السعود، والألوسي، والشوكاني: «انتصاب سربا على أنه المفعول الثاني لاتخذ أي اتخذ سبيلا سربا» (٣).

ويتبين مما تقدم بقاء لفظ الاتخاذ على معنى الجعل والتصيير في المثال.

الوجه الرابع: التسمية.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [براءة: ٣١].

ولم أقف على من فسر الاتخاذ بالتسمية هنا؛ والذي يدل عليه كلامهم أنها على أصلها من الجعل؛ قال القرطبي: «قال أهل المعاني جعلوا أحبارهم ورهبانهم كالأرباب حيث أطاعوهم في كل شيء» (٤).

ويشهد على بقاء معنى التصيير حديث عدي بن حاتم قال أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: «يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتَّخَذُوا


(١) أضواء البيان ٢/ ٤٠.
(٢) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص ٢٢٩. تفسير السمرقندي ٢/ ٣٥٤.النكت والعيون ٣/ ٣٢٣. معاني القرآن للفراء
٢/ ١٥٤. جامع البيان ١٥/ ٣٣٢. معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٢٩٩. معاني القرآن للنحاس ٤/ ٢٦٥. معالم التنزيل ٧٨٤. الكشاف ٢/ ٦٨٤. زاد المسير ص ٨٥٩. الجامع لأحكام القرآن ١١/ ١٢.
(٣) إعراب القرآن للنحاس ٢/ ٣٠٠. إرشاد العقل السليم ٥/ ٢٣٣. روح المعاني ١٥/ ٣١٨. فتح القدير ص ١٠١٦.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٨/ ٧٧.

<<  <   >  >>