للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]

أحدها: صلة في الكلام.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: ١].

وقال به من المفسرين: النَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية (١).

ومعتمدهم في هذا قراءة: ابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وأبي بن كعب، وبعض السلف. (٢)

حيث قرأوا بغير عن وهي قراءة شاذة (٣)، وقد رد القول بالوجه أبو حيَّان (٤)، وأبو السعود فقال: «وادعاء زيادة (عن) تعسف ظاهر، والاستدلال عليه بقراءة ابن مسعود .. ، غير منتهض، فإن مبناهها كما قالوا على الحذف والإيصال، كما يعرب عنه الجواب بقوله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: ١]، أي حكمها مختص به تعالى بقسمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كيفما أمر به من غير أن يدخل فيه رأي أحد، ولو كان السؤال استعطاء لما كان هذا جوابا له؛ فإن اختصاص حكم ما شرط لهم من الأنفال بالله والرسول لا ينافي إعطاءها إياهم، بل يحققه لأنهم إنما يسألونها بموجب شرط الرسول - صلى الله عليه وسلم -». (٥)

وقال الطاهر بن عاشور: «والسؤال حقيقته الطلب، فإذا عدي بعن فهو طلب معرفة المجرور بعن وإذا عدي بنفسه فهو طلب إعطاء الشيء، فالمعنى، هنا: يسألونك معرفة الأنفال، أي معرفة


(١) معاني القرآن للنحاس ٣/ ١٢٨. معالم التنزيل ص ٥١١. الكشاف ٢/ ١٨٤. المحرر الوجيز ٢/ ٤٩٦. وسعد: سعد بن أبي وقاص واسمه مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري المدني شهد بدرا والمشاهد وهو أحد العشرة وآخرهم موتا وأول من رَمى في سبيل الله، وفارس الإسلام وأحد ستة الشورى ومقدم جيوش الإسلام في فتح العراق مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة وحمل إلى البقيع في سنة ٥٥ هـ (الإصابة ٣/ ٧٣. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١٣٥).
(٢) المحرر الوجيز ٢/ ٤٩٦. وذكر من السلف: جعفر بن محمد، وزيد ومحمد الباقر وطلحة بن مصرف، وعكرمة، والضحاك، وعطاء.
(٣) المحتسب ١/ ٣٨٦، والمحرر الوجيز ٢/ ٤٩٦.
(٤) البحر المحيط ٥/ ٢٦٩.
(٥) تفسير أبي السعود ٤/ ٢.

<<  <   >  >>