الوجه الأول: بمعنى الصحبة. ودل عليه قوله تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}[الفتح: ٢٩]، ومأخذه المعنى الأصلي للفظ في اللغة؛ كما قال ابن سيدة.
الوجه الثاني: بمعنى النصر. ودل عليه قوله تعالى:{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[براءة: ٤٠].وشهد له حديث أبي بكر - رضي الله عنه -، ودل عليه وقوله تعالى:{إِنَّ مَعِيَ رَبِّي}[الشعراء: ٦٢]، ومأخذه الاستعمال العربي؛ كما ذكره الراغب.
الوجه الثالث: بمعنى العلم. ودل عليه قوله تعالى:{وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}[المجادلة: ٧]، ومأخذه التفسير باللازم لأن من لوازم المعية العلم، ويجوز أن يكون مأخذه السياق القرآني إذ أن ورود علم الله تعالى واطلاعه على كل شيء جاء في أول الآية وآخرها.
[وأما الوجهان وهما]
- بمعنى " عند " في قوله تعالى: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ}[البقرة: ٤١].
- بمعنى " على ". بقوله تعالى:{وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ}[الأعراف: ١٥٧].
فقد تقدم أنني لم أقف على من قال بأن (مع) هنا بمعنى عند أو على، وإنما الذي يذكره المفسرون أنها على بابها من المصاحبة والاجتماع وليس من حاجة إلى إخراجها عن أصلها بغير دليل، وبهذا يعود هذا المثال إلى الوجه الأول، وهو الصحبة.