للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: التوحيد. ودل عليه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠]، ومأخذه التفسير بالمقارب؛ كما أشار إليه الراغب الأصفهاني.

[وأما الوجه الذي هو: الإنصاف.]

فقد تقدم أن الصحيح في العدل من قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: ٣]، وقوله تعالى:

{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: ١٢٩]، أن يكون العدل على بابه ولا يُصار إلى غيره دون حاجة فيكون الوجه: المساواة، ويكون مأخذه أحد أصلي اللفظ في اللغة؛ كما قال ابن فارس.

[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة على.]

[باب على]

قال ابن الجوزي:

«قال أبو زكريا: " على " تستعمل اسماً وفعلاً وحرفاً. فإذا كانت عبارة عن شخص فهي اسم وتدخل عليها علامات الأسماء. تقول: جاءني علاً، ورأيت علاً، ومررت بعلاً. وإذا كانت بمعنى فوق فهي اسم أيضاً. تقول: جئت من عليه، كما يقال: جئت من فوقه. قال الشاعر:

غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بعد ما تَمَّ ظِمْؤُهَا (١)

وقال الآخر:

فهي تَنُوشُ الحوضَ نَوْشًا من عَلا (٢)

وإذا كانت مشتقة من مصدر ودلت على زمن مخصوص فهي فعل تقول: علا يعلو علواً فهو عالٍ. وعلا الحائط، كما تقول ارتفع الحائط. وما عدا هذين الموضعين فهي حرف يجر ما بعدها (٣).


(١) هو لمزاحم العقيلي يصف قطاة، وهوفي اللسان (علا) وعجزه: تَصلّ وعن قيضٍ بزيزَاء مَجهل. أي غدت من فوقه بعد ماشتد عطشها.
(٢) لأبي النجم في الصحاح (علا) والبيت بتمامه:
بَاتَتْ تَنُوشُ الحوضَ نَوْشًا من عَلا ... نَوْشًا به تَقْطَعُ أَجوازَ الفَلا
ومعناه: تتناول ماء الحوض من فوق وتشرب شربا كثيرا وتقطع بذلك الشرب فلوات فلا تحتاج إلى ماء آخر.
(٣) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين: ص ٦٧٨، وتأويل مشكل القرآن ص ٢٩٨، و ٣٠٢، وحروف المعاني ص ٢٣، والأحكام ١/ ٩٥، ومغني اللبيب ١/ ١٤٢.

<<  <   >  >>