للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا يتبين أن (ثم) في الآيتين على أصلها وأنها لترتيب الأخبار لا لترتيب المخبر عنه، وعليه فلا تكون بمعنى الواو.

الوجه الثالث: وقوعه زائداً.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١١٨].

ولم أقف على من ذكر زيادتها غير ما ذكره ابن هشام عن الأخفش والكوفيين فقال: «فأما التشريك فزعم الأخفش والكوفيون: أنه قد يتخلف، وذلك بأن تقع زائدة، فلا تكون عاطفة البتة وحملوا على ذلك قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١١٨] .. » (١)، وذكره ابن فارس بقوله: «وزعم ناس أن ثم تكون زائدة ... » (٢)، وجعله من باب ترتيب الخبر لا المخبر فيكون من أمثلة الوجه الثاني، وخصه بعطف الجمل.

وممن حرر القول في رد دعوى الكوفيين بالزيادة واحتجاجهم بهذه الآية؛ أبو حيَّان فقال:

«ودعوى أن (ثم) زائدة وجواب (إذا) ما بعد (ثم) بعيد جداً، وغير ثابت من لسان العرب زيادة (ثم). ومن زعم أن (إذا) بعد (حتى) تجرد من الشرط وتبقى لمجرد الوقت، فلا تحتاج إلى جواب بل تكون غاية للفعل الذي قبلها وهو قوله: خُلِّفوا أي: خلفوا إلى هذا الوقت» (٣).

ويتبين مما تقدم عدم صحة هذا الوجه، وأن ثم على معناها الأصلي في الآية.

[نتيجة الدراسة]

[تحصل من تلك الدراسة عدم دخول هذا الباب في علم الوجوه والنظائر]

فالوجه الأول: للترتيب مع التراخي.

ومثل له ابن الجوزي بثلاث آيات:


(١) مغني اللبيب ١/ ١١٧. وابن هشام: عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن عبد الله بن هشام ولد فى القاهرة في ذى القعدة سنة ٧٠٨، الصالح الورع، لزم الشهاب عبد اللطيف بن المرحل، ولازم أبا حيان، له مصنفات كثيرة منها (قطر الندى) مات سنة ٧٦١ هـ. (البدر الطالع ١/ ٤٠٠. شذرات الذهب ١/ ١٩١).
(٢) الصاحبي ص ١٠٦.
(٣) البحر المحيط ٥/ ١١٠.

<<  <   >  >>