للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال به الكلبي (١)، وابن قتيبة (٢).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه تفسير الشيء بسببه لأن السلوك في الآية هو الدخول في مشقة من العذاب يصعد فيها (٣) ولا يقع من الكافر إلا على سبيل التكليف وحملِه عليه عُنوة، ويؤيد هذا ما ذكره أبو جعفر النَّحَّاس عن الأصمعي قال: «أسْلَكَهُ:

حَمَلَهُ على أن يَسْلُك» (٤).

الوجه الرابع: الترك.

[ومثل له ابن الجوزي بآيتين]

الآية الأولى: قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحجر: ١٢]،

الآية الثانية: قوله تعالى: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: ٢٠٠]

ولم أقف على من قال بهذا المعنى في تفسير الآيتين، وقد أشار ابن الجوزي إلى قول آخر وهو أن السلوك في الآيتين بمعنى الدخول، وهذا القول هو الذي قاله ابن جرير، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان، وابن كثير (٥)، وبهذا يعود هذا الوجه إلى الوجه الأول.

[نتيجة الدراسة]

[تحصل من تلك الدراسة صحة وجوه ثلاثة هي]

الوجه الأول: الدخول. ودل عليه قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: ٤٢]، ومأخذه تفسير الشيء بلازمه، وتفسير الشيئ بجزء معناه في اللغة. كما دل عليه كلام ابن فارس.


(١) الكشف والبيان ١٢/ ٥٤.
(٢) تفسير غريب القرآن ص ٤١٩.
(٣) وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد عند ابن جرير ٢٩/ ١٤٠. وتبعهم أكثر المفسرين في تفسير السلوك بالدخول: ينظر: جامع البيان ٢٩/ ١٤٠، ومعالم التنزيل ص ١٣٥٤، والكشاف ٤/ ٦١٣، والمحرر الوجيز ٥/ ٣٨٣، والجامع لأحكام القرآن ١٩/ ١٤، والبحر المحيط ١٠/ ٣٠٠، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ٦/ ٣٢٣.
(٤) إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٣٥.
(٥) جامع البيان ١٤/ ١٤، و ١٩/ ١٣٤. معالم التنزيل ص ٦٩٤، و ٩٤٧. الكشاف ٢/ ٥٣٦، و ٣/ ٣٤١. المحرر الوجيز
٣/ ٣٥٢، و ٤/ ٢٤٤. الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٧، و ٨/ ١٩١. البحر المحيط ٦/ ٤٦٩، و ٨/ ١٩١. تفسير القرآن العظيم ٤/ ٦٤٣.

<<  <   >  >>