للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى كلام السلف يدل عليه كقول ابن عمر عن زمن خروجها: «هو حين لا يؤمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر»، ونحوه عن عطية العوفي (١).

وقال به من المفسرين: ابن جرير، والنَّحاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان، وابن كثير (٢).

ويتبين مما تقدم صحة الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير بالمثال، فيكون مثالاً لعمومِ كل مادبّ على الأرض فيقترب بهذا من الوجه الأول، غير أن السياق هنا يحدد دابة مقصودة بأوصاف خاصة ككونها تخرج قبيل القيامة، وكونها تكلم الناس.

[نتيجة الدراسة]

تحصل من تلك الدراسة صحة الوجوه الثلاثة وهي:

الوجه الأول: جميع ما دب على وجه الأرض. ودل عليه قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦].وقوله تعالى: {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ} [الشورى: ٢٩].

الوجه الثاني: الأرَضَة. ودل عليه قوله تعالى: {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} [سبأ: ١٤].

الوجه الثالث: الدابة الخارجة في آخر الزمان. ودل عليه قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: ٨٢]، وشهد له حديث أبي هريرة.

وجميع هذه الوجوه تنطوي تحت الأصل اللغوي لمادة (دبب)؛ غير أن السياق في كل وجه قد أعطاه خصوصية له دون غيره، فآيتي الوجه الأول: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦].وقوله تعالى: {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ} [الشورى: ٢٩].


(١) جامع البيان ٢٠/ ١٩. وفي هذا الموضع أورد ابن جرير آثارا كثيرة حول الدابة ومكان وزمن خروجها وغير ذلك.
(٢) جامع البيان ٢٠/ ١٩. معاني القرآن للنحاس ٥/ ١٤٨. معالم التنزيل ٩٦٨. الكشاف ٣/ ٣٨٨. المحرر الوجيز ٤/ ٢٧٠. البحر المحيط ٨/ ٢٦٨. الجامع لأحكام القرآن ١٣/ ١٦٥. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٦٨٣
وعطية: عطية بن سعد بن جنادة العَوْفي الكوفي، ضعفه الثوري، وهشيم وابن عدي، وحسن له الترمذي أحاديث مات سنة ١١١ هـ (تقريب التهذيب ٣٩٣. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢٦٨).

<<  <   >  >>