الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣]. فقد تقدمت الإشارة إلى أن المفسرين لم يفرقوا بين الدعاء والاستغفار فيعود هذان المثالان إلى الدعاء.
[المطلب السابع: دراسة وجوه كلمة العذاب]
[باب العذاب]
قال ابن الجوزي:
«العذاب: اسم لما استمر ألمه. ويقال: ماء عذب: إذا استمر سائغاً للشراب. وأعذب القوم: إذا شربوا ماء عذباً. والذي يطلب لهم الماء العذب معذب وقد عذب الماء عذوبة، واستعذب القوم ماءهم. وعذبة السوط: طرفه. وعذبة الميزان: الخيط الذي يرفع به. والعذيب: ماء لتميم. وعاذب: مكان قال ابن فارس: وأصل العذاب في كلام العرب: الضرب (١).
[وذكر أهل التفسير أن العذاب في القرآن على عشرة أوجه]
أحدها: الحد في الزنى. ومنه قوله تعالى في سورة النساء:{فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥]، وفي النور:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢]، وفيها:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ}[النور: ٨].
والثاني: المسخ. ومنه قوله تعالى في الأعراف:{وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ}[الأعراف: ١٦٥]، أراد: مسخهم قروداً أو خنازير.
والثالث: هلاك المال. ومنه قوله تعالى في نون والقلم:{كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ}[القلم: ٣٣].
(١) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ٦١٢. مقاييس اللغة ٧٢٣. القاموس المحيط (عذب)، ومن الملاحظ على لفظ الباب أنه لا يجمعه معنى واحد مع أنه أصل صحيح؛ قال ابن فارس: «عذب العين والذال والباء أصلٌ صحيح، لكن كلماتِه لا تكاد تنقاس، ولا يمكن جمعُها إلى شيء واحد، فهو كالذي ذكرناه آنفًا في باب العين والذال والرّاء؛ وهذا يدلُّ على أنّ اللُّغة ليسَتْ كُلّها قياسًا، لكنْ جُلُّها ومعْظمُها».