للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب التاسع: دراسة وجوه كلمة القرب]

[باب القرب]

قال ابن الجوزي:

«الأصل في القرب: أنه الدنو من المسافة. وضده: البعد. والقربان: ما قرب إلى اللَّه تعالى. وقربان الملك وقرابينه وزراؤه. وأقربت الشاة دنا نتاجها. ولا يقال: للناقة: أقربت.

قال ابن السكيت: ثوب مقارب، ولا يقال مقارب إذا لم يكن جيداً (١).

وقال غيره: ثوب مقارب - بكسر الراء - ليس بجيد - وبفتحها - رخيص. والقارب. سفينة صغيرة تكون مع أصحاب السفن البحرية، تستخف لحوائجهم. والقارب: الطالب للماء ليلاً.

وحكى ابن فارس عن بعض اللغويين: أنه لا يقال ذلك لطالب الماء نهاراً (٢).

[وذكر بعض المفسرين أن القرب في القرآن على عشرة أوجه]

أحدها: الجماع. ومنه قوله تعالى في البقرة: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢].

والثاني: الإجابة. ومنه قوله تعالى في البقرة: {فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: ١٨٦] أي مجيب، وفي سبأ: {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ: ٥٠].

والثالث: قرب الزمان. ومنه قوله تعالى في هود: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} [هود: ٦٤]، أي: دان. وفي الأنبياء: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} [الأنبياء: ١]، وفيها: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [الأنبياء: ٩٧].

والرابع: الأصوب. ومنه قوله تعالى في الكهف: {لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [الكهف: ٢٤].

والخامس: اللين. ومنه قوله تعالى في المائدة: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: ٨٢].

والسادس: القرابة. ومنه قوله تعالى في عسق: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣]، وفي البلد: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: ١٥].

والسابع: ما قبل معاينة الملك. ومنه قوله تعالى في سورة النساء: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: ١٧].


(١) إصلاح المنطق ص ٣٠٨.
(٢) مجمل اللغة ٣/ ٧٥١، ومقاييس اللغة ٨٥٣، ومراده ببعض اللغوين: الخليل كما صرح به ابن فارس في الموضعين. وللاستزادة من اللغة ينظر بالإضافة إلى ما تقدم: العين ص ٧٧٦، والمحكم والمحيط والأعظم ٦/ ٣٨٨.

<<  <   >  >>