للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الألوسي: «وأياً ما كان؛ فما أخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن كعب قال:» الحجاب هو حجاب من ياقوت أخضر، محيط بالخلائق، منه اخضرت السماء «، وما قيل إنه جبل دون قاف بسنة، تغرب الشمس وراءه، لا يخفى حاله، والناس في ثبوت جبل قاف بين مصدق ومكذب .. » (١).

والصحيح في تفسير الحجاب في هذه الآية؛ استتار الشمس بالمغيب، ويدل عليه:

حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: «كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب إذا توارت بالحجاب». (٢)

قال أبو السَّعادات الجزري: «باب الحاء مع الجيم: حجبَ، في حديث الصلاة حين توارت بالحجاب، الحجاب هاهنا: الأفق، يريد حين غابت الشمس في الأفق، واستترت به، ومنه قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: ٣٢] (٣)

ما ذكره الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن إذ يقول: «{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: ٣٢]. يعني الشمس إذا استترت بالمغيب». (٤)

وقال به من المفسرين: القرطبي (٥)، والشوكاني (٦).

ويتبين مما تقدم عدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، والصحيح أن الحجاب هنا بمعنى الستر، فيكون داخلاً في الوجه الثاني، والله أعلم.


(١) روح المعاني ٢٣/ ٢٥٥.
(٢) أخرجه البخاري ١/ ٢٠٥، برقم ٥٣٦، ومسلم ١/ ٤٤١، برقم ٦٣٦.
(٣) النهاية في غريب الأثر ١/ ٣٤٠. وأبو السعادات: المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني العلامة مجد الدين ابن الأثير الجزري ثم الموصلي الفقيه المحدث اللغوي البارع العلم ولد في سنة ٥٤٤ هـ كان فقيها محدثا أديبا نحويا عالما بصنعة الحساب والإنشاء ورعا عاقلا مهيبا ذا بر وإحسان مات سنة ٦٠٦ ومن تصانيفه كتاب (النهاية في غريب الحديث) (معجم الأدباء ٦/ ٢٩١. سير أعلام النبلاء ٢١/ ٤٨٨).
(٤) مفردات ألفاظ القرآن ص ٢١٩.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٤/ ١٤٦.
(٦) فتح القدير ص ١٤٧٩.

<<  <   >  >>