للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال به من المفسرين: الزَّجَّاج، والنَّحاس، والبغوي، وابن عطية، وأبو حيان، والقرطبي، وابن كثير (١)؛ كلهم يرجح القول الثاني، كقول الزَّجَّاج: «وهذا القول بيّن لأن الذي نعرفه من الكرسي في اللغة الشيء الذي يعتمد عليه ويُجلس عليه، فهذا يدل على أن الكرسي عظيم، عليه السموات والأرضون» (٢) وقال ابن عطية بعد ذكره رواية أبي موسى الأشعري: «وعبارة أبي موسى مخلصة لأنه يريد هو من عرش الرحمن كموضع القدمين في أسرة الملوك، وهو مخلوق عظيم بين يدي العرش نسبته إليه نسبة الكرسي إلى سرير الملك، والكرسي هو موضع القدمين» (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحاً منهج أهل السنة والجماعة في الكرسي ومشيراً إلى شطط القول بالعلم: «العرش موجود بالكتاب والسنة وإجماع سلف الامة وأئمتها وكذلك الكرسى ثابت بالكتاب والسنة وإجماع جمهور السلف وقد نقل عن بعضهم أن كرسيه علمه وهو قول ضعيف فان علم الله وسع كل شيء كما قال: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}

[غافر: ٧] والله يعلم نفسه ويعلم ما كان وما لم يكن فلو قيل وسع علمه السموات والأرض لم يكن هذا المعنى مناسبا لا سيما وقد قال تعالى {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: ٢٥٥] أي لا يثقله ولا يكرثه، وهذا يناسب القدرة لا العلم والآثار المأثورة تقتضي ذلك لكن الآيات والأحاديث في العرش أكثر من ذلك صريحة متواترة، وقد قال بعضهم: إن الكرسي هو العرش: لكن الأكثرون أنهما شيئان» (٤).


(١) معاني القرآن وإعرابه ١/ ٣٣٧. معاني القرآن للنحاس ١/ ٢٦٣. معالم التنزيل ص ١٥٩. المحرر الوجيز ١/ ٣٤٢. الجامع لأحكام القرآن ٣/ ١٨٠. البحر المحيط ٢/ ٦١٣. تفسير القرآن العظيم ١/ ٦١٣.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ١/ ٣٣٨.
(٣) المحرر الوجيز ١/ ٣٤٢.
(٤) الفتاوى ٦/ ٥٨٤. وفي الآية قولان آخران:
١ - أن الكرسي بمعنى العرش وهو مروي عن الحسن وقد تقدم رد ابن تيمية له.
٢ - أن الكرسي بمعنى القدرة ورده الزجاج إلى القول بالعلم ثم رجح أنه موضع القدمين. (معاني القرآن وإعرابه ١/ ٣٣٨). وجمع ابن عثيمين أطراف المسألة ورجح الرفع في رواية ابن عباس في الصفة، ورد القول بالعلم وضعفه، وضعف القول بأن العرش والكرسي واحد (تفسير القرآن الكريم ٣/ ٢٥٤).

<<  <   >  >>