الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد أنزل اللَّه عز وجل كتابه الكريم هدى للناس ورحمة، وأمرهم بتدبره وفهمه {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: ٢٤]، لذا فقد عني علماء الإسلام بهذا الكتاب حفظاً وتلاوة وبياناً، وألفوا في ذلك المؤلفات التي تناولته بالشرح والبيان، سواء ما يتعلق بتفسيره، أو علومه المرتبطة به.
وإن من علومه التي تناولها العلماء (علم الوجوه والنظائر)، حيث ألف فيه جملة من العلماء جمعاً وحصراً لها، وبعد النظر والتأمل فيما كتبوه رأيت أنه لا زال بحاجة إلى من يحرر مسائله، ويحددها. لذا فقد يممت وجهي نحوه وبحثت عن أجمع كتاب ألف فيه لأقوم بدراسة ما فيه من الوجوه والنظائر، فكان كتاب الإمام عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة (٥٩٧ هـ)(نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر)، حيث ضم في كتابه المنتخب المختار لدى جميع من سبقه من المؤلفين في الوجوه والنظائر، فأثبت ثلاث مائة وأربعاً وعشرين لفظة كل لفظة مشتملة على عدة أوجه، وحيث دُرس منها في رسالة لنيل درجة الدكتوراه مائة وسبع وسبعون لفظة - كما سيأتي بيانه - وبقي منها مائة وأربع وخمسون لفظة لم تدرس ولم يحقق النظر فيها. فدرستها دراسة تأصيلية، وقدمت عنها دراسة متكاملة، وفق الخطة التي سيأتي بيانها، ومهدت لذلك بتعريف موجز لمقاتل بن سليمان وابن الجوزي وكتابيهما، وعرضت بإيجاز أهم جهود العلماء في علم الوجوه والنظائر.
ومن ثم جاء هذا العمل موسوما بـ (زوائد ابن الجوزي على مقاتل في الوجوه والنظائر - دراسة تأصيلية وتطبيقية).