للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه:

عند قوله تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٣]. نفى الزَّمخشري رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة؛ فقال: «الوجه عبارة عن الجملة، والناضرة: من نضرة النعيم إلى ربها ناظرة: تنظر إلى ربها خاصة لا تنظر إلى غيره، وهذا معنى تقديم المفعول، ألا ترى إلى قوله: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} [القيامة: ١٢]، {إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: ٥٣] .. كيف دل فيها التقديم على معنى الاختصاص، ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر، ولا تدخل تحت العدد، في محشر يجتمع فيه الخلائق كلهم، فإن المؤمنين نظارة ذلك اليوم، لأنهم الآمنون الذين لا خوف عليه ولا هم يحزنون، فاختصاصه بنظرهم إليه لو كان منظورا إليه محال، فوجب حمله على معنى يصح معه الاختصاص، والذي يصح معه أن يكون من قولة الناس: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي؛ تريد معنى التوقع والرجاء». (١)

وليس هذا بغريب من إمام معتزلي فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن تفسيره «وأما الزَّمخشري، فتفسيره محشو بالبدعة، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات والرؤية والقول بخلق القرآن» (٢).

وأما ثبوت رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة فهي كما قال ابن القيم: «وقد دلَّ القرآن والسنة المتواترة، وإجماع الصحابة، وأئمة الإسلام وأهل الحديث على أن الله سبحانه يُرى يوم القيامة بالأبصار، كما يُرى القمر ليلة البدر صحواً، وكما تُرى الشمس في الظهيرة فإن كان لمِا أخبر الله ورسوله عنه من ذلك حقيقة؛ فلا يمكن أن يروه إلا من فوقهم لاستحالة أن يروه أسفل منهم، أو خلفهم وأمامهم، أو عن شمائلهم، وإن لم يكن لما أخبر به حقيقة، كما تقوله .. المعتزلة والرافضة (٣) وغيرهم من أهل البدع بطل الشرع والقرآن فإن الذي جاء بهذه الأحاديث هو الذي جاء بالقرآن، والشريعة والذي


(١) الكشاف ٤/ ٦٦٣.
(٢) الفتاوى الكبرى ٢/ ٢٢٨.
(٣) الرفض الترك؛ ومنه الرافضة تركوا زيد بن علي حين نهاهم عن سب الصحابة فلما عرفوا مقالته وأنه لا يبرأ من الشيخين رفضوه ثم استعمل هذا اللقب في كل من غلا في هذا المذهب (التعاريف ص ٣٦٩).

<<  <   >  >>