للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويشهد له ماروي في سبب نزول هذه الآية وما بعدها:

فعن قتادة بن النعمان (١) قال: «كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر .. الحديث .. وفيه .. قال قتادة: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمته، فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير ثبت ولا بينة؟ قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فأتاني عمي رفاعة فقال يا ابن أخي ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: الله المستعان فلم يلبث أن نزل {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: ١٠٥]، أي مما قلت لقتادة: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٦) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (١٠٨) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (١٠٩) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٠٥ - ١١٠]» (٢).

وبين هذا الوجه والوجه الأول تقارب شديد لكون ترك الأمانة مثالاً من أمثلة المعصية؛ غير أن مراد ابن الجوزي هنا ظاهر في سبب النزول.

ويتبين مما تقدم، صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه سبب النزول.


(١) قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن أبي ظفر عمرو بن الخزرج الأنصاري الأوسي أبو عبد الله شهد بدرا وسقطت عينه يوم أحد فأتى بها النبي فردها فكانت أحسن عينيه مات سنة ٢٣ هـ (الاستيعاب ٣/ ١٢٧٤. الإصابة ٥/ ٤١٦).
(٢) أخرجه الترمذي (كتاب التفسير، باب ومن سورة النساء برقم ٣٠٣٦، ٥/ ٢٤٤) وصححه الحاكم في المستدرك ٤/ ٤٢٧ وحسنه الألباني برقم ٢٤٣٢).

<<  <   >  >>