للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال به من المفسرين: ابن جرير، وابن كثير، والسعدي (١).

وأيد ذلك ابن عثيمين فقال: «كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله، لا ينظرون إلى ذكر الله، وقد ذكر الله تعالى فيما سبق في نفس السورة أن {عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} [الكهف: ٥٧]، فالقلوب، والأبصار، والأسماع كلها مقفلة» (٢).

وجمع الزَّمخشري بين القولين فقال: «عن آياتي التي ينظر إليها فأذكر بالتعظيم، أو عن القرآن وتأمل معانيه وتبصرها» (٣).

وعليه فلا مانع من تصحيح القولين فالعين الباصرة مأخذها اللفظ، والعين البصيرة مأخذها السياق وهو ورود الذكر.

ويتبين مما تقدم، صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير بالمقارب لأنه لابد من تواطؤ البصر والقلب في الإقبال أو الإعراض عن ذكر الله، ولأن البصر هو من أوسع المنافذ للقلب؛ قال الله تعالى: «{أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: ١٧]، ومعلوم أن النظر هنا للتفكر، ويجوز أن يكون مأخذه السياق القرآني من لفظ الذكر في الآية.

وأما ما أشار إليه ابن الجوزي عن بعضهم: وجهاً سادساً فقال: والعين: النهر. ومثل له بقوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦].

فلم أقف عليه بهذا المعنى، وإنما الذي يذكره المفسرون: أن العين هنا هي منبع الماء الجاري، وممن قال به من المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٤).

وبهذا يعود إلى الوجه الثاني.


(١) جامع البيان ١٦/ ٤٦. الكشاف ٢/ ٦٩٨. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٢٤٩. تيسير الكريم الرحمن ص ٤٨٧.
(٢) تفسير القرآن الكريم، سورة الكهف ص ١٤٠.
(٣) الكشاف ٢/ ٦٩٨.
(٤) جامع البيان ٢٩/ ٢٥٢. معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥٨. معالم التنزيل ص ١٣٨٠. الكشاف ٤/ ٦٦٨. المحرر الوجيز ٥/ ٤١٠. الجامع لأحكام القرآن ١٩/ ٨٢. البحر المحيط ١٠/ ٣٦٠. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٦/ ٣٦١.

<<  <   >  >>