للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللسلف في الآية قول آخر عن ابن عباس: «هو الرجل يجلس مع القوم، فيسمع الحديث فيه محاسن ومساوء، فيحدث بأحسن ما سمع ويكف عن ما سواه» (١).

ورجح القول في عموم الأقوال في معنى الآية ابن عطية، وأبو حيان وهو قول ابن جرير (٢).

والصحيح القول بالوجه؛ لأمور:

- أن هذا الأثر المنسوب لابن عباس، هو لابن السائب كما هو عند السمرقندي وابن الجوزي.

- تفسير ابن كثير للآية حيث فسر القرآن بالقرآن؛ فقال: «أي يفهمونه ويعملون بما فيه كقوله تبارك وتعالى لموسى - عليه السلام - حين آتاه {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: ١٤٥] (٣)، وتبعه في مثل هذا الشنقيطي (٤).

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فصل: قد قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨]. والمراد بالقول القرآن كما فسره بذلك سلف الأمة وأئمتها .. واللام لتعريف القول المعهود فإن السورة كلها إنما تضمنت مدح القرآن واستماعه، وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع وبينا فساد قول من استدل بهذه على سماع الغناء وغيره وجعلها عامة وبينا أن تعميمها فى كل قول باطل بإجماع المسلمين» (٥).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير بالمثال لأن القرآن مثال للقول.


(١) ذكره عنه أبو حيان في البحر المحيط ٩/ ١٩٢، واتكأ الصابوني - في تحقيقه لمعاني القرآن للنحاس - عليه في ترجيح العموم في جميع الأقوال في الآية، والصحيح أن هذا الأثر عن ابن السائب الكلبي كما هو عند السمرقندي في تفسير السمرقندي ٦/ ٢٥٦ وابن الجوزي في زاد المسير ص ١٢٢٦.
(٢) المحرر الوجيز ٤/ ٥٢٥. البحر المحيط ٩/ ١٦٢. جامع البيان ٢٣/ ٢٥٠.
(٣) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥/ ٤٠٢.
(٤) أضواء البيان ٦/ ٣٥٦.
(٥) الفتاوى ١٦/ ٥.

<<  <   >  >>