طاهر القرمطىّ ولد، فأهدى إليه أبو عبد الله البريدىّ هدايا عظيمة، فيها مهد ذهب مجوهر. وفيها استوزر المتّقى الخليفة غير وزير من هؤلاء الحاملين ويعزله «١» ، فاستوزر أبا العباس «٢» الكاتب الأصبهانىّ. وكان أبو العباس المذكور ساقط الهمّة بحيث إنه كان يركب أيام وزارته وبين يديه اثنان، وما ذلك إلا لضعف دست الخلافة ووهن دولة بنى العباس. وفيها حجّ بالناس القرمطىّ على مال أخذه منهم. وفيها توفّى بدر الخرشنىّ، وكان قد جرت له أمور ببغداد، وكان من أكابر القوّاد؛ ثم سار الى الإخشيذ محمد بن طغج أمير مصر- أعنى صاحب الترجمة- فولّاه الإخشيذ إمرة دمشق، فوليها شهرين، ومات في ذى القعدة. وقد تقدّم ذكر بدر هذا في عدّة أماكن في الحوادث وغيرها. وفيها توفّى أبو سعيد سنان «٣» بن ثابت المتطبّب، والد ثابت مصنّف التاريخ. وقد أسلم سنان على يد الخليفة القاهر بالله؛ وطبّب سنان المذكور جماعة من الخلفاء، وكان مفتنّا في علم الطبّ وغيره. وفيها توفّى محمد بن عبدوس مصنف" كتاب الوزراء" ببغداد، كان فاضلا رئيسا، وله مشاركة في فنون.
وفيها توفّى محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغانىّ الصوفىّ أستاذ أبى بكر الدقّاق، كان من المجتهدين في العبادة. قال الرّقّىّ: ما رأيت أحسن منه ممن يظهر الغنى في الفقر، كان يلبس قميصين ورداء وسراويل ونعلا نظيفا وعمامة، وفي يده مفتاح وليس له بيت، ينطرح في المساجد، ويطوى الخمس والستّ. وقال عبد الواحد بن بكر:
سمعت الرقىّ يقول سمعت الفرغانىّ محمد بن إسماعيل يقول:" دخلت الدّير الذي بطور سيناء، فأتانى مطرانهم بأقوام كأنهم نشروا من القبور، فقال: هؤلاء يأكل