ثم سافر الملك الظاهر من مصر إلى البلاد الشامية فى هذه السنة (أعنى سنة أربع وستين) فخرج منها فى يوم السبت مستهلّ شعبان، وجعل نائبه بديار مصر ولده الملك السعيد، وجعل الجيش فى خدمته والوزير بهاء الدين بن حنّا؛ وسار الملك الظاهر حتّى نزل عين جالوت وبعث عسكرا مقدّمه الأمير جمال الدين أيدغدىّ العزيزىّ، ثم عسكرا آخر مقدّمه الأمير سيف الدين قلاوون الألفى للإغارة على بلاد الساحل، فأغاروا على عكّا وصور وطرابلس وحصن الأكراد وسبوا وغنموا ما لا يحصى؛ ثم نزل الملك الظاهر بنفسه على صفد فى ثامن شهر رمضان، ونصب عليها المجانيق، ودام الاهتمام بعمل الآلات الحربيّة إلى مستهلّ شوّال شرع فى الزّحف والحصار وأخذ النّقوب من جميع الجهات إلى أن ملكها بكرة يوم الثلاثاء خامس عشر شوّال؛ واستمرّ الزّحف والقتال ونصب السلالم على القلعة وتسلطت عليها النقوب، والسلطان يباشر ذلك بنفسه، حتّى طلب أهل القلعة الأمان على أنفسهم وطلبوا اليمين على ذلك، فأجلس السلطان الملك الظاهر الأمير كرمون [أغا «١» ] التّتارىّ فى دست السلطنة، وحضرت رسلهم فاستحلفوه فخلف [لهم «٢» كرمون التّتارىّ] وهم يظنونه الملك الظاهر، فإنه كان يشبه الملك الظاهر. وكان فى قلب الملك الظاهر منهم حزازة، ثم شرط عليهم ألّا يأخذوا معهم من أموالهم شيئا. فلمّا كان يوم الجمعة ثامن عشر شوّال طلعت السناجق على قلعة صفد، ووقف الملك الظاهر بنفسه على بابها وأخرج من كان فيها من الخيّالة والرجّالة والفلاحين؛ ودخل الأمير بدر الدين بيليك الخازندار وتسلّمها، واطّلع على أنّهم أخذوا شيئا كثيرا من التّحف