السنة الثانية والعشرون من ولاية صلاح الدين يوسف بن أيّوب على مصر، وهى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
فيها توفّى سنان بن سليمان «١» ، صاحب الدعوة «٢» بقلاع الشام. كان أصله من البصرة من حصن ألموت «٣» ، فرأى منه صاحب الأمر بتلك البلاد نجابة وشهامة وعقلا وتدبيرا، فسيّره إلى حصون الشام، فسار حتّى وصل إلى البلاد الشاميّة، وكان فيه معرفة وسياسة. وجدّ فى إقامة الدعوة واستجلاب القلوب، وكان مجيئه إلى الشام فى أيّام السلطان الملك العادل نور الدين الشهيد. فجرت له معه حروب وخطوب، واستولى سنان هذا على عدّة قلاع وأقام واليا ثلاثين سنة والبعوث ترد عليه فى كلّ قليل من قبل نور الدين. ثم إنّ السلطان نور الدين عزم على قصده فتوفّى. وأقام سنان على ذلك إلى أن توفّى ببلاد الشام فى هذه السنة.
وفيها توفّى علىّ بن أحمد الأمير سيف الدين بن المشطوب ملك الهكّاريّة «٤» .
وكان أميرا شجاعا صابرا فى الحروب مطاعا فى قبيلته، دخل مع أسد الدين شيركوه إلى مصر فى مرّاته الثلاث، ثم عاد بعد سلطنة صلاح الدين إلى البلاد الشاميّة، فدام بها إلى أن مات فى آخر شوّال. وقال ابن شدّاد: مات بالقدس وصلّى عليه بالجامع الأقصى.
وفيها توفّى السلطان قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق، الملك عزّ الدين السلجوقىّ صاحب بلاد الروم.