وإبعاد غيره عنها، ويدع الدنيا تنقلب ظهرا لبطن، فإنه مع ورود هذا الخبر المزعج بلغ السلطان والأمراء أن الأمير قانى باى العلائى الظاهرى أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة يريد إثارة فتنه، فطلبه السلطان وأمره بلبس التشريف بنيابة غزة، فامتنع من لبسه، فأمر السلطان به فقبض عليه وسلم للأمير آقباى الحاجب، فأخذه ونزل إلى داره وأقام عنده إلى آخر النهار، فاجتمع عليه طائفة من المماليك السلطانية يريدون أخذه من آقباى الحاجب غصبا، فخاف آقباى وطلع به إلى القلعة، فطلب السلطان الأمراء وتشاوروا على قتله «١» ، فاتفقوا على إبقائه فى إمرته ووظيفته.
[ما وقع من الحوادث سنة ٨٠٣]
ثم فى خامس عشرين المحرّم من سنة ثلاث وثمانمائة ورد البريد على السلطان من حلب بأخذ تيمور ملطية، ثم وصل من الغد البريد أيضا بوصول أوائل عسكر تيمور لنك إلى مدينة عينتاب، وفى الكتاب: أدركوا المسلمين وإلا هلكوا، فاستدعى السلطان بعد يومين الخليفة والقضاة والأمراء وأعيان الدولة، وعلموا أن تيمور لنك وصلت مقدّمته إلى مرعش وعينتاب، وكان القصد بهذا الجمع أخذ مال التجار إعانة على النفقة فى العساكر، فقال القضاة: أنتم أصحاب الأمر والنهى وليس لكم فيه معارض، وإن كان القصد الفتوى فى ذلك فلا يجوز أخذ مال أحد يخاف على العساكر من الدعاء، فقيل لهم نأخذ نصف الأوقاف من البلاد، نقطعها للأجناد البطّالين، فإن الأجناد «٢» قلّت لكثرة الأوقاف، فقال القضاة: وما قدر ذلك؟
ومتى عمدتم على البطّالين فى الحرب، خيف أن يؤخذ الإسلام، وطال الكلام فى ذلك حتى استقر الرأى على إرسال الأمير أسنبغا الدوادار لكشف الأخبار، وتجهيز عساكر الشام إلى جهة تيمور لنك، وسار أسنبغا فى خامس صفر من سنة ثلاث المذكورة على البريد، ووقع التخذيل والتقاعد لاختلاف الكلمة وكثرة الآراء.