السنة الرابعة من ولاية العاضد على مصر وهى سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
فيها توفّى الحسن بن محمد بن الحسن الشيخ أبو المعالى الوزكانىّ الفقيه الشافعىّ- ووركان: بلد بنواحى قاشان- كان إماما فى فنون العلوم، عاش نيّفا وثمانين سنة.
وفيها توفّى محمد «١» بن علىّ بن [أبى «٢» ] المنصور الوزير أبو جعفر جمال الدين الأصبهانىّ وزير الأتابك زنكى وسيف الدين غازى وقطب الدين مودود، وكان هو الحاكم على الدولة. وكان بينه وبين زين الدين كوجك مصافاة وعهود ومواثيق.
وكانت الموصل فى أيامه ملجأ لكلّ ملهوف. ولم يكن فى زمانه من يضاهيه ولا يقاربه فى الجود والنّوال؛ وكان كثير الصّلات والصدقات، بنى مسجد الخيف بمنى وغرم عليه أموالا عظيمة، وجدّد الحجر إلى جانب الكعبة، وزخرف البيت بالذهب، وبنى أبواب الحرم وشيّدها ورفع أعتابها صيانة للحرم؛ وبنى المسجد الذي على عرفة والدرج الذي فيها، وأجرى الماء إلى عرفات، وعمل البرك والمصانع؛ وبنى على مدينة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سورا، وكانت الأعراب تنهبها، وكان الخطيب يقول على المنبر: اللهمّ «٣» صن من صان حرم حريم نبيّك محمد صلى الله عليه وسلم. وكانت صدقاته تسير إلى المشرق والمغرب، رحمه الله تعالى.
وفيها توفّى أبو الفرج عبد الله بن أسعد بن علىّ بن عيسى الموصلىّ المعروف بابن الدهّان وبالحمصىّ أيضا، الفقيه الشافعى المنعوت بالمهذّب الشاعر المشهور.