السنة التى حكم فيها إسحاق بن يحيى على مصر وهى سنة ست وثلاثين ومائتين- فيها حجّ بالناس المنتصر محمد بن الخليفة المتوكّل على الله. وحجّت أيضا أمّ المتوكّل، وشيّعها المتوكّل الى أن استقلّت بالمسير ثم رجع. وأنفقت أمّ المتوكّل أموالا جزيلة فى هذه الحجّة، واسمها شجاع. وفيها كان ما حكيناه من هدم قبر الحسين وقبور العلويّين وجعلت مزارع، كما تقدّم ذكره. وفيها أشخص المتوكل القضاة من البلدان لبيعة ولاة العهد أولاده: المنتصر بالله محمد، ومن بعده المعتزّ بالله محمد، وقيل الزبير، ومن بعده المؤيد بالله إبراهيم؛ وبعث خواصّه الى الأمصار ليأخذوا البيعة بذلك. وفيها وثب أهل دمشق على نائب دمشق سالم بن حامد، فقتلوه يوم الجمعة على باب الخضراء. وكان من العرب «١» ، فلمّا ولّى أذلّ قوما بدمشق من السّكون والسّكاسك لهم وجاهة ومنعة، فثاروا به وقتلوه. فندب المتوكّل لإمرة دمشق أفريدون التركىّ وسيّره إليها، وكان شجاعا فاتكا ظالما؛ فقدم فى سبعة آلاف فارس، وأباح له المتوكّل القتل بدمشق والنهب ثلاث ساعات. فنزل أفريدون بيت لهيا «٢» ، وأراد أن يصبّح البلد؛ فلما أصبح نظر الى البلد، وطلب الركوب فقدّمت له بغلة فضربته بالزوج فقتلته، فدفن مكانه، وقبره ببيت لهيا، وردّ الجيش الذين كانوا معه خائفين.
وبلغ المتوكّل، فصلحت نيّته لأهل دمشق. وفيها توفى إسماعيل بن إبراهيم بن بسّام «٣»