هو محمد بن السري بن الحكم بن يوسف الأمير أبو نصر الضبي البلخي، ولي إمرة مصر بعد وفاة أبيه السري بن الحكم في يوم الأحد مستهل جمادى الآخرة سنة خمس ومائتين؛ ولاه المأمون على الصلاة والخراج معا كما كان والده. وسكن المعسكر، وجعل على شرطته محمد بن قابس «٢» ثم عزله وولّى أخاه عبيد الله. ولما ولي مصر كان الجروي قد غلب على أسفل أرض مصر وجمع جموعاً وخرج عن الطاعة فتهيأ محمد هذا لقتاله وجهز اليه العساكر المصرية، ثم خرج هو بنفسه لقتاله، ووقع له معه حروب ووقائع؛ وبينما هو في ذلك مرض ولزم الفراش حتى مات ليلة الاثنين لثمان خلون من شعبان سنة ست ومائتين. فكانت ولايته على مصر استقلالاً سنة واحدة وشهرين وثمانية أيام. وتولى مصر من بعده أخوه عبيد الله بن السري، وكان شاباً عاقلاً مدبراً حازماً سيوساً، مهد الديار المصرية في ولايته وأباد أهل الفساد وحارب الجروىّ غير مرة وأحبته الرعية، غير أنه لم تطل أيامه وعاجلته المنيّة.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٢٠٥]
السنة الأولى من ولاية محمد بن السري على مصر وهي سنة خمس ومائتين- فيها حج بالناس عبيد الله بن الحسن العلوي وهو والى الحرمين مكّة والمدينة. وفيها ولى المأمون طاهر بن الحسين على جميع بلاد خراسان والمشرق وأعطاه عشرة آلاف ألف درهم، وكان ولده عبد الله بن طاهر قد قدم على المأمون من الرقة فولاه