فكلّمهم فى الطريق وقال: هؤلاء الأجلاب لابدّ لهم معنا من رأس، فإن كان ولابد يكون ذلك فى الإسطبل السلطانى معنا، وندب الأمراء إلى أن يتوجّهوا إلى أيتمش فى ذلك، فقالوا: قد فات الأمر، ونزل إلى داره، ثم توجّه كلّ واحد إلى منزله، وفى الحال دقّت البشائر لترشيد السلطان، وزيّنت القاهرة، وافترق العسكر فرقتين: فرقة مع الأمير الكبير أيتمش البجاسى، وهم جميع أكابر الأمراء والمماليك القرانيص، وفرقة مع الأمير يشبك الشعبانى الخازندار، وهم الأمراء الخاصّكية ومماليك الأطباق، وقويت شوكة الأمير يشبك بعجز أيتمش وعدم أهليته فى القيام بتدبير الأمور من يوم مات الملك الظاهر برقوق، واستمر ذلك إلى ليلة عاشر شهر ربيع الأول المذكور، وقد ندم الأمير الكبير أيتمش على نزوله من باب السلسلة، حيث لا ينفعه الندم، ولم يجد بدّا من الركوب، واتّفق مع الأمراء على الركوب
[ذكر الواقعة بين الأتابك أيتمش وبين يشبك وغيره]
ولما كان ليلة الاثنين عاشر شهر وبيع الأول، اتفق الأمراء الأكابر مع الأمير الكبير أيتمش، ولبسوا الجميع آلة الحرب، واجتمعوا على الأتابك أيتمش بداره بخط باب الوزير، بعد نزول أيتمش من باب السلسلة بثلاثة أيام، وأخذ بعض رفقته من أكابر الأمراء يلومه على نزوله من الإسطبل السلطانى، وعلى عدم ميله لكلام الأمير تغرى بردى (أعنى الوالد) فى النزول، فقال: هكذا قدّر، وكان سبب ركوب أيتمش بعد نزوله من الإسطبل أنه لمّا وقع ترشيد السلطان، واتفقوا معه على أن ينزل إلى داره ظنّ أيتمش أن بنزوله تسكن الفتنة، وتطمئن الخواطر، ويصير هو على عادته رأس مشورة، ولا يعمل شىء إلّا بعد مشاورته،