هو السلطان الملك المعظّم توران شاه ابن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيّوب ابن السلطان الملك الكامل ناصر الدين محمد ابن الملك العادل سيف الدين محمد أبى بكر ابن الأمير نجم الدين أيّوب بن شادى، سلطان الديار المصريّة الأيّوبىّ الكردىّ، آخر ملوك بنى أيّوب بمصر، ولا عبرة بولاية الأشرف فى سلطنة الملك المعزّ أيبك. تسلطن الملك المعظّم هذا بعد موت أبيه الملك الصالح بنحو شهرين ونصف، وقيل: أربعة أشهر ونصف وهو الأصحّ؛ لأنّ الملك الصالح أيّوب كانت وفاته فى ليلة النصف من شعبان سنة سبع وأربعين بالمنصورة، والفرنج محدقة بعساكر الإسلام، فأخفت زوجته أمّ ولده خليل شجرة الدّرّ موته مخافة على المسلمين، وبايعوا لابنه المعظّم هذا بالسلطنة فى غيبته، وصارت شجرة الدّرّ تدبرّ الأمور وتخفى موت السلطان الملك الصالح إلى أن حضر المعظّم توران شاه هذا من حصن كيفا إلى المنصورة فى أوّل المحرّم من سنة ثمان وأربعين وستمائة. وكان المعظّم هذا نائبا لأبيه الملك الصالح على حصن كيفا وغيرها من ديار بكر. ولمّا وصل المعظّم إلى المنصورة فتح الله على يديه، ونصر الله الإسلام فى يوم دخوله فتيمّن الناس بطلعته. وسبب النصر أنّه لمّا استهلّت سنة ثمان وأربعين والفرنج على المنصورة والجيوش الإسلاميّة بإزائهم، وقد طال القتال بين الفريقين أشهرا ضعف حال الفرنج لانقطاع الميرة عنهم، ووقع فى خيلهم وباء وموت، وعزم ملكهم الفرنسيس على أن يركب فى أوّل اللّيل ويسير إلى دمياط، فعلم المسلمون بذلك. وكان الفرنج قد عملوا جسرا عظيما من الصّنوبر على النيل، فسهوا عن قطعه، فعبر منه المسلمون فى الليل إلى برّهم، وخيامهم على حالها وثقلهم، وأحدق المسلمون بهم يتخطّفونهم طول الليل قتلا وأسرا، فالتجئوا